في مكتب وزير المياه بين "عصرين"

{title}
نبأ الأردن -

نشأت الحلبي -





قبل أيام زرت وزير المياه الدكتور معتصم سعيدان في مكتبه، وقبل أن نبدأ الحديث "الصحفي"، تأملت ذاك المكتب جيداً، ففي ذاكرتي "ذكرى" لا تُنسى لهذا المكان.





في تسعينيات القرن الماضي، وكنت قد بدأت العمل في الصحافة، حاولت مراراً وتكراراً الحصول على موعد من وزير المياه والري، وكان حينها المهندس سمير قعوار وزيراً للمياه في وزارة عبدالكريم الكباريتي.





بعد كثير من المحاولات، حصلت على الموعد، وعلى الفور توجهت أنا والمصور الصحفي الصديق محمد الرفايعة، الى الوزارة.





كنت حينها صحفياً في قسم المحليات بجريدة شيحان التي كانت حديث الشارع الأردني، والنُّخب لما كانت تنشره مما كان يعتبره البعض "محرمات"، وكنا نعتبره "حق" للناس حتى يعرفون ماذا يجري في "الطوابق العليا" وفي "القاع"!





دخلنا أنا ومحمد الى مكتب الوزير، وقفت بجانبه، فنظر إلي "من فوق لتحت"، وسألني : إنت نشأت الحلبي؟





جاوبت : نعم





قال : بتعرف كم صحفي بتمنى يوقف هذه الوقفة في مكتبي ؟





أجبت : نعم، ولذلك أنا سعيد بأن أتحت لي معاليك هذه الفرصة.





توجهنا الى "طاولة الاجتماعات"، وبدأ الحوار الصحفي.





خضنا في كل شيئ له علاقة بالمياه والري والصرف الصحي ..





سألت الوزير سؤالاً لم أعرف حينها أنه سيشكل عاصفة داخل المكتب !





سألت : معاليك تحمل جواز سفر أميركي ولهذا لا يجوز لك أن تكون نائباً أو وزيراً في الحكومة لأن هذا مخالف للدستور؟





اعتقدت أن الموضوع أكثر من عادي وأن الإجابة ستكون عادية مثل : لا أحمل جواز أميركي، أو هذا لا يمنع، أو أية إجابة..!





تفاجأت بالوزير يغلق "المسجل" ويكيل لي وللصحيفة الشتائم..!





أعدت إدارة "المسجل" وانتقلت الى سؤال آخر.





أعاد معاليه إغلاق المسجل وأصر على "شتمي"!





أنهينا اللقاء بعد أن تصببت أنا ومحمد عرقاً .. وانسحبنا من المكتب تاركين وراءنا عاصفة ..!





طِرت الى الجريدة محملاً بمشاعر الفرح و"المانشيت"!





لم تُنشر الشتائم، ومجريات ما جرى لاعتبارات "صحفية"، لكنها بقيت في "نفسي" ذاكرة، ونشوة نصر ببدء العمل في عالم الصحافة التي بها طالما "حلمت"!





الآن، أنا في ذات المكتب، ويستقبلني وزير شاب مفعم بالحيوية وحب العمل..





ألتقيه وأتعرف عليه للمرة الأولى، لكن ما لسمته في هذا العصر مختلف عن ذاك العصر، فالوزير أصبح قريبٌ منا، مدركٌ أننا عين الناس وآذانها، وأننا نقوم بمهمة لا ناقة لنا فيها ولا جمل إلا مصلحة الوطن ..





يتقاطع معنا في ذهنية الانفتاح عامودياً وأفقياً على الناس، لأننا في عصرٍ لم يعد فيه ما تخفيه، فهو عصر السوشال ميديا، والمواطن "الصحفي"، والعالم المفتوح، ولا مناص إلا اللجوء مرة أخرى الى الصحافة المحترفة والماهرة في تخريج المعلومة وتصدريها الى الناس بقالب يحمل خطاباً صحفياً مهنياً واعياً حتى نحاصر معاً، مسؤولين وصفحيين، "الكركبة" و"الفوضى" التي أحدثها العالم "المفتوح" وكادت تضرب دولاً قوية في خاصرتها.





للوزير الأسبق "قعوار" كل محبتي، فلم ألتقيه بعدها، لكنه، وجيله، حاولوا ما استطاعوا أن يؤدوا مهمتهم في ذهنية قد تكون الملائمة لذاك العصر، لكننا الآن في عصر مختلف، عصر فرضت عليه تطورات الاتصال والتواصل أن لا يكون فيه مكانٌ إلا لذهنية عصرية يمثلها الآن شباب "الميدان" وأصحاب سياسة "الباب المفتوح" مثل الوزير معتصم سعيدان.





في المرة القادمة سأحدثكم عن وزير، أصبح بعد ذلك رئيساً للوزراء، حين طردني قائلاً : إطلع برا ..!!


تابعوا نبأ الأردن على