نشأت الحلبي يكتب: من على حدود غزة .. رسالة أردنية "واضحة" حملها الحسين بن عبدالله
نبأ الأردن -
ليس هو بالأمر البسيط أن يرسل زعيماً عربياً ولي عهده، وفلذة كبده، إلى أقرب بقعة من غزة حيث المعارك والصواريخ والقتل، لينقل الى هناك إغاثة عاجلة إلى الأهل.
بصورة مفاجأة، حط ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني على بعد بصر من القطاع المنكوب، وبالتحديد في العريش المصرية، ونزل مع الجنود الأردنيين كواحد منهم وبزيه العسكري، ليتابع وصول المستشفى العسكري الميداني الأردني الثاني الذي قرر الأردن إرساله إلى غزة بعد أن تقطعت السبل بأهلها، وبعد أن تعطلت كل مستشفياتها عن العمل جراء العدوان الإسرائيلي الهمجي الوحشي وغير المسبوق في التاريخ الإنساني، والذي تمثل بمهاجمة المؤسسات الطبية بحجة البحث عن مقاتلي حماس وقادة المقاومة وتحرير الأسرى والمختطفين.
في هذا العصر، سيشهد التاريخ بأن دولة عدوانية هاجمت المرضى وقصفتهم وحاربت الأطفال "الخدج" وكأن في أسِرّتهم قنابل ورصاص وصواريخ!
وسيشهد التاريخ أيضاً أن محرقة تجري على يد من ادعوا أنهم تعرضوا يوماً لمحرقة.
وسط كل هذا، جاءت الرسالة الأردنية "الهاشمية الأقوى" للاحتلال، ومن على حدود غزة لتقول للمعتدين إننا لن نتخلى عن غزة ولا عن فلسطين وأهلها، فهذه البقعة الطاهرة المقدسة كانت أساساً أردنية، ومقدساتها ما زالت تحت وصاية القيادة الأردنية الهاشمية، فالمسؤولية ليست آنية فحسب، بل هي تاريخية ممتدة منذ تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية قبل نحو مائة عام، ولا يعني تعاقب الأجيال والملوك أن القضية انتهت، بل هي ما زالت حية.
عندما قرر الأردن أن يخوض في عملية سلام مع إسرائيل، لم يكن ذلك بدافع ضعف أو خوف، بل كان بدافع الشجاعة، فكما ينتصر القادة العظام في الحروب، فهم أيضاً من ينتصرون بتحقيق السلام، ومن هذا المنطلق كان الأردن ميالاً لمنطقة تعيش بسلام ولتنعم أجيالها بمسقبل أكثر أماناً، لكن، وبما أن العدو قد أخل بكل المعادلة، وقرر أن لا دولة فلسطينية، ولا قدس لكل أتباع الديانات السماوية، ولا يعترف أساساً بشعب فلسطيني في فلسطين، فهو إذن من يتحمل وِزر كل ما آلت إليه المنطقة من انهيار في الوضع الأمني، وكما تؤكد السردية الأردنية، فإن حركات التحرر لا تظهر إلا في ظل الظلم والاستعمار، وهو حال حركة حماس وكل حركات المقاومة الفلسطينية التي ولدت من رحم المعاناة والظلم، فعندها لا مفر إلا للقوة من أجل استرجاع الحق، وهو التاريخ الذي تثبته يوميات القضية الفلسطينية منذ أن حط الاحتلال على أرض فلسطين.
الأردن الآن، بقضه وقضيضه مع الأهل في غزة وفي كل فلسطين، وجاءت الرسالة الأهم من على حدود القطاع حين حط ولي العهد ببزته العسكرية، فهي رسالة للأهل هناك بأن اطمئنوا فنحن معكم وفي ظهركم وسندكم، وهي لدولة الاحتلال بأننا ما زلنا هنا، ولفلسطين أهل وسند وعزوة.
الرسالة لم تنتهي فكفكة كل رموزها بعد، فلربما هناك ما هو أكثر وأعمق.