نشأت الحلبي يكتب: يحاربون الصحافة بما هو أخطر من قانون الجرائم الإلكترونية
نبأ الأردن -
نعم، قانون الجرائم يمثل خطراً على الحريات لا سيما الصحفية منها، وتلك محطة تاريخية في حياة الأردنيين جميعاً إذ أُقرّ القانون بشكله الحالي، ولعل مجلس الأعيان كان متقدماً في موقفه بشكل أكثر بكثير من موقف مجلس النواب الذي خذل الناس، والصحافة، على وجه الخصوص بتمرير القانون، بل وزاود على الحكومة حين أًقر مادة كانت الأخطر والتي نصت على معاقبة كل من ينشر خبراً أو صورة أو فيديو حتى لو كان مصرح له بالنشر، دون إذن مسبق.
هذه المادة سُحبت نعم، لكنها بكل الأحوال عكست لنا ما في الأنفس، وأن هناك من يريد أن يُضيّق على الحريات الصحفية أكثر وأكثر لو قُدّر له ذلك، ولعلنا نسأل الله هنا أن لا يُقيّض لهؤلاء سلطة في يومٍ ما لأننا سندفع الثمن غالياً وستتأذى صورة الوطن.
خطر قانون الجرائم الالكترونية، كبير ولا شك، لكن هناك ما هو أخطر من ذلك يحاربون به الصحافة، فأرزاق الصحفيين في خطر أكبر، فحين تمارس مهنتك بما يمليه عليه ضميرك تجاه الوطن والناس، فإن أصحاب "المصالح" المتعارضة مع حقوق الناس يهبون لمحاربك وقطع رزقك، ليس لشيئ، إلا لأنك وقفت الى جانب حق الناس.
في موقع نبأ الأردن الإخباري تعرضنا لمثل هذه القصة، فإحدى الشركات، والتي لها علاقة مباشرة بالتعليم، ومع كل أسف، اتخذت إدارتها قراراً بوقف العقد، الباخس أساساً، مع الموقع لأننا تابعنا قصة "قرار غريب" صدر منها بحق من يعملون معها في أشرف مهنة "التعليم"، وجاء القرار بعد أن رفضنا سحب المادة الصحفية حفاظاً على مصداقيتنا وضمير مهنتنا وحق الناس!
لم تنتهِ القصة إلى هنا فقط، بل أن شركات أخرى تتحايل بطرق مختلفة على "أرزاق الصحفيين"، فبات من السهل أن يقول لك : "نحن تعاقدنا مع "إيجنسي" وهم من سيتولون توزيع الإعلانات" .. يعني بمعنى آخر : إذهب أنت وربك فقاتلا!!
إذن القصة ليست محصورة في الحكومة وقانون الجرائم فقط، بل إن محاربة الصحافة بأرزاق العاملين فيها، هو الأخطر، والأكثر فتكاً بها، فربما، وأقول ربما، نتعايش مع قانون الجرائم الالكترونية الجديد بشكله الحالي كما تعايشنا من قبل مع قوانين أخرى مثل المطبوعات والنشر والعقوبات وما طرأ عليهما من تعديلات، وسيبقى الصحفيون يناضلون حتى يأتي يوم ما ويكللون نضالهم بالنصر مع حكومات ومجالس نيابية قادمة، لكن الأخطر من يتحكمون بمصير من يعملون بالصحافة ويهددونهم بأرزاقهم، فهذا خطر داهم، بل وأكثر خطورة، وهو واقع مر، ومرير للصحافة لا يعرفه كل الناس.