عن النواب .. المشهد الصادم!
نشأت الحلبي -
بالكاد حاولنا أن نقنع أنفسنا بنسيان تلك المشاهد المؤلمة التي خلفتها في ذاكرتنا آخر انتخابات نيابية!
ذاك يحمل بعضاً من المال ويعرض على أشخاصٍِ مبالغَ مقابل التصويت لصالح هذا المرشح.
وآخر يجلس في منزل ويفاوض عائلة على منح أصواتها لمرشح آخر، ويساوم على المبلغ!
وأخر يحمل القرآن الكريم ليقسم عليه مرشحون بالتصويت لمرشحه مقابل ما حصلوا عليه من مبالغ !!
ولاحقاً، حولت الهيئة المستقلة للانتخاب أكثر من قضية الى المحاكم، والتهمة "المال الأسود"!
وبعد كل هذا، فاجأتنا مشاهد "حرب الفرح" في رميٍ للرصاص وصل حد "المدفع"!
يا هؤلاء، كل هذا حاولنا أن نمسحه من ذاكرتنا، وتعاهدنا مع أنفسنا على أن نقفز عن كل هذا وننظر الى الأمام، فمن نجحوا، ووصلوا الى قبة البرلمان، هم في النهاية أبناء بلد، سواء من كان منهم قديما، أو مستجداً على العمل النيابي، فأصل الديمقراطية أن تحمل دائماً وجوهاً جديدة، وأن يحصل كل من يؤهله الناس الى القبة، على فرصته في عمل نيابي يُسقط من خلاله رؤيته واجتهاده في خدمة الوطن والناس.
بدأنا، وبدأ البرلمان رغم الجائحة التي ما زالت تفتك بالعالم، ولسنا منها، بعد، بسالمين..
وبدأنا نشاهد رئيس الوزراء وهو يقوم بزيارات الى مجلس "الشعب"، ليلتقي بنا عبر نوابنا، ويسمع مطالبنا، ويلمس أحلامنا بحياة أفضل، وعدالة نصبوا إليها في كل شيئ، تعيينات، وفرص عمل، وتحسين أوضاع معيشية، وتعديل رواتب، ونظام دراسي أرقى، ومدارس أكثر أمناً وأماناً، وشوارع معبدة، وجمارك أقل، وضرائب أكثر عدالة، واستثمارات محمية، وزراعة لا تبور، و .. و .. وحياة أكثر سعادة..!!
لم يمهلونا الكثير من الوقت حتى "صدمونا"، وأعادونا الى المربع الأول من "ثقة مهتزة"، إلا من رحم ربي ..!!
يا سامحكم الله يا هؤلاء ..
كنا نحسب أن تقايضوا الحكومة على الثقة بكل ما أسلفنا من "أحلام"..
كما ننتظر أن تقايضوا الرئيس، مثلاً، بخطة إستراتيجية تكفل من خلالها الحكومة القضاء على البطالة والفقر والعوز، بالثقة..!!
كنا ننتظر أن تقايضوا الحكومة، مثلاً، بضمان التعليم الجامعي المجاني لكل أبناء الوطن، بالثقة..!!
كنا ننتظر أن تقايضوا الحكومة، مثلاً، بضمان توزيع التعيينات بعدالة لكل أبناء البلد "المتعطلين عن العمل"، بالثقة ..!
كنا ننتظر أن تقايضوا الحكومة، مثلا، بضمان حريات أعلى للصحافة، وإعطائنا كل مساحة ممكنة للرأي، بالثقة ..!!
كنا ننتظر أن تقايضوا الحكومة، مثلاً، بكشف كل ملفات الفساد العالق منها، وغير العالق، مقابل منحة الثقة ..!!
كنا .. وكنا .. وانتظرنا .. وانتظرنا .. !!!
كل أملنا، حتى اللحظة، خاب، بعد أن رأينا أن "البعض"، ينتهز الثقة لتمرير تعيين ابنه، أو قريبه، وينسى أنه أصبح نائباً، وممثلاً، وأباً، لكل ابنٍ في الوطن .. !!!
تلك مشاهد "صدمتنا"، وأدخلتنا في غيبوبة "غير المصدق" لقساوتها ..!!
عودوا يا هداكم الله، وارتدوا عن الخطأ، واحلموا معنا، أو لتنسحبوا من "مشهد الوطن"، وتتركوا لنا الساحة لنحلم لوحدنا دون أن تخدعونا، وتصدمونا، أكثر..!!