أي رسالة هذه التي نفهم يا "حكومة"..!
نشأت الحلبي -
حالة من الغضب، بل من الرعب على الحريات في وطني، لازمتني منذ عرفت بتوقيف ناشر موقع بلكي نيوز الزميل فادي العمرو.
تلك الحالة ليست بسبب توقيف الزميل، كحادثة، فلطالما اعتدنا أن يتم توقيف صحفي، أو زميل يعمل في المهنة حتى لو لم يكن عضواً في نقابة الصحفيين، وهنا أؤكد، بدون أية مواربة، أو نفاق لأيٍّ كان، أنني مع دولة القانون والمؤسسات، وأنني مع تطبيق القانون على أي شخص، وحتى على صحفي ممكن أن يكون قد أخطأ، أو خالف القانون لأي سبب، فلا ندافع عن الصحافة حتى تكون خارج السياق القانوني أو "فوق القانون"، فكلنا تحت القانون، وبالحق.
ما دعاني للقلق، هو أن هذا التوقيف تم في اليوم الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، وهنا، تأملت المشهد، وسألت نفسي عن السبب الذي لم يكن فيه بالحكومة شخص راشد ليفكر وليطلب من كافة الجهات، حتى القضائية منها، أن تؤجل النظر بكافة القضايا التي تتعلق بالصحافة الى اليوم التالي، على الأقل، فهذا تصرف كان كفيل بأن يحفظ، ويحافظ على سمعة الحريات الصحافية في بلادنا أمام العالم، أما أن يتم في هذا اليوم تحديداً، توقيف زميل يعمل في الصحافة، فهذا فيه إساءة غير مبررة أمام العالم لسمعتنا في هذا المجال، ولنا أن نتخيل كيف يمكن أن يتم تناقل الخبر الآن من خلال المنظمات المعنية بالشؤون الحقوقية والصحافية في العالم، فلا بد أن الجميع سيشير الى أن التوقيف تم في يوم الصحافة وحريتها..!
وعلى صعيد المحلي أيضاً، فإن كل الوسط الصحفي سيفهم، ولا شك، بأن هذه رسالة قاسية، بل وقاسية جداً، للصحافة والصحفيين بأن لا مكان للحريات "بين السطور"، بل أننا سنعمل بكثير من الخوف، وبقليلٍ من الحرية، هذا إذا لم تكن الحرية في "طي النسيان"!!
يا حكومة، نحن في زمن الفضاء المفتوح، وسمعة الدول باتت تُقاس بالحريات، وفي كل شيئ، وتحت سقف القانون، وفي هذا الفضاء، لا بد من التعامل الذكي في قضايا الحريات خصوصا الصحافية منها، فمن خلال سلوك الدول، تصل الرسائل، وتُبني العلاقات، فلا تهدموا السمعة الطيبة التي بناها الأردنيون عبر عشرات السنوات، في كل العالم، بل أضيفوا إليها، فنحن لم نكن في يومٍ من الأيام دولة قمعيّة أو مُكَبِّلة للحريات، بل كنا، ونريد أن نبقى، مثالاً يحتذى في مجال "الحرية".