عن العقبة بـ "وجع"

{title}
نبأ الأردن -

لست أذكر ذاك التاريخ بدقة، لكنني أذكر تماماً أنه في حكومة عبدالرؤوف الروابدة تم تثبيت موضوع "العقبة الاقتصادية الخاصة".





ما فهمته حينها بأن "الورد" سيُنثر على شواطيء العقبة، وأن "ثغر الأردن الباسم" سيكون سبباً في ازدهارٍ اقتصادي يضاهي "حقل نفطٍ" أو "غازٍ" ضخم، لينعم الشعب بعد ذلك بكل النِعم التي طالما تاق إليها ..





بدأت القصة، وأصبحت أسمع بأنه بات للعقبة حدود ..!





بطبعي، أكره "الحدود" ..





لربما أحب السفر، لكنني أكره "جواز السفر" ..!





أشعر بأن هذه "الوريقات" حرمتنا مما خلق الله من أرض، ولذلك أكره أن "أنلطع" أمام سفارة دولة ما حتى أحصل على "فيزا" لأسافر إليها ..





كيف إذن تكون في بلدي حدود لأدخل بلدي ..!





أصبحت أسمع عن "الموز" و"عجال الكاوتشوك" التي يقوم الناس بإحضارها من العقبة لأن السعر هناك أرخص ولا جمارك عليها ..





هل أصبحت العقبة "خاصة" حتى ننعم بـ "عجال" و"موز" بدون جمرك .. ؟!





هل هذا هو النعيم الذي وعدتمونا به ..؟!





لطالما سألت نفسي ..!





بعد سنوات لا أذكر كم هي، توجهت إلى العقبة ..





كنا في "باص" عائلي ..





بالفعل، هناك حدود ..!!





يا آآآآه على هذا الوجع، تفتيش حتى أدخل مدينة في بلدي ..!!





في العقبة لم أرَ من "النعيم" سوى أسوارٍ عالية لمشاريع استثمارية أكلت الشواطيء الأجمل ولا يدخلها سوى المقتدرين "جداً" ..





اكتشفت أنه لم يبق للناس سوى شاطيء "الغندور"، وبعضٌ من حجارته و"أبو الهيلمان" الذي هاجم أرجلنا عندما أردنا أن نسبح كما خلق الله ..!





لم نشترِ موز ولا "عجال"، فقط عرجنا على "مول" معروف هناك، واشترينا "أكم حرام" .. وروحنا





في العودة أيضاً، وقفنا على الحدود، وكان الأطفال نيام، فطُلِب منّا أن ننزل من الحافلة جميعاً، فقُلت إن هذا غير ممكن لأن أطفال لنا نيام، ولا نحمل أي "ممنوعات" ..





لن أطيل بالحديث عن ما جرى هنا ..





عدنا من العقبة وأنا في نفسي من الإحباط الشيء الكثير ..





مرت السنوات، وعدت الى العقبة منذ أيام، ولم أخطط للزيارة لأنني ذهبت الى الجنوب في مهمة صحفية بوادي رم تحديداً، وكان من نصيبي أنا وعائلتي أن نتعرض لحادث سير أنجانا منه الله، وإذ أسجل لرجال الأمن وشرطة السير هناك، الكثير من "المعروف"، لكن العقبة لم تتغير ..





ليس للفقراء هناك من شاطيء بعد، وما زالت الحدود، حدود، والازدهار الذي وُعدنا به منذ سنوات وسنوات، لم يأتِ، وأحسب أنه لن يأتِ ..





خرجت من العقبة وأنا أقول : أعيدوها لنا كما كانت ..





في دول العالم، وإن احتل الاستثمار الشواطيء التي حبا الله بها الناس، تكون هناك شواطيء أخرى لهم لا تغطيها أسوار عالية، ولا أبواب ولا حواجز ..





وفي دول أخرى، تتشارك الفنادق والناس في ذات الشواطيء، وبدون "دخوليات" تُرهق رب الأسرة الذي يريد أبناؤه أن يستمتعوا بما حبا الله بلادهم به من "نِعَم" ..





حدثت كارثة العقبة، وأحزنتنا حد "الفَجَع" وفاة شبابٍ في عُمر الورد، وسؤالنا بأي ذنبٍ قُتلوا ..؟!





تلك فاجعة حزينة، وإن مرّت دون تحمل مسؤولية من المسؤولين عنها، فتلك "فاجعة" أخرى، وأشد ..





ذاك الحبل الذي انقطع وتسبب بسقوط غازٍ سام على طريقة "انفجار" قوي، يطرح ألف سؤال وسؤال ..





ووجود المواد الخطرة على مقربة أيضاً من القمح والغذاء والدواء الذي يأتينا عبر البحر، يطرح أيضاً ألف سؤال وسؤال ..





والسؤال عن "النِعَم" التي وُعدنا بها، ولم تأتِ، فيه أيضاً ألف سؤال وسؤال ..!





أزيلوا حدود العقبة، ودعوها لنا كما كل مدن الأردن ..





لا تبقوا على شواطيء العقبة أسوار، ودعونا ننعم بنعمة الله ..





في العقبة ما زال هناك "وجع" ...


تابعوا نبأ الأردن على