ميسر السردية تكتب : أوراق مغبرة
رغم الصورة المبهرة لم تكن للتلفزيون هيبته كما للإذاعة، كل مايهم العائلة تلفزيونيا هي نشرة أخبار الثامنة وللدقة حالة الطقس، المنخفض قطبي والبحر مايج، ثم مسلسل السهرة الذي ننام نحن الصغار في منتصف المتابعة،أما الراديو فيصحو مع حركة البيت باكرا.
ثلاثة برامج كانت ذات أهمية كبرى لأهلنا، ماتطرحه من قضايا تصير قضاياهم ومدار اهتماماتهم اليومية والتعليق عليها وكأنهم طرف فيما يطرح.
البرنامج الأول كان البث المباشر، الكارثة أذما انقطع التيار الكهربائي أو عبث أحدنا بإبرة الراديو وقطع عليهم متابعة الإنصات، كيف لا، وهم يريدون معرفة خطورة حفرة يعاني منها أهالي خريبة السوق، ومن وراء هذه الحفرة، و لماذا تعطلت الإشارة الضوئية في وسط العاصمة وكيف سيتم حل مشكلتها وتوجيه حركة السير .. هذه قضايا ساخنة لاتقل أهمية عن ماسورة المياه المثقوبة في شارع حي من أحياء اربد.
هص يا ولاد..
البرنامج الثاني كان رسائل شوق، ام فتحي من مخيم عين الحلوة تُطمئن يوسف في الكويت على أحوالهم وأخبرته أن فتحي رزق بصبي أسموه زكريا، وأنها ارسلت له نصية جبنة وزعتر مع دار أبو محمود .. مهتمون بهذه الرسائل ، فجدتي تبارك وهي تضع كاسة الشاي، ومهتمة بوصول الجبنة قبل عطبها.. ياترى يشترون الجبنة واللا عندهم غنم.
البرنامج الثالث حكم العدالة، اسكتوا، جاء المساعد جميل، لقد تم إلقاء القبض على العصابة وتمت إعادة نصف المسروقات، نتدخل، لو أنهم وصلوا للمجرمين قبل بيع المصاغ، مسكينة المرأة يمكن ذهب عرسها.
العصريات يلتئم بعض أفراد الحارة حول ابريق شاي أشد حلاوة من الدبس، ودلة قهوة مرة ودخان هيشي تحت معرش العنب، يناقشون مجمل ما سمعوه في برامجهم المفضلة ، تؤكد الجارة التي ذهبت لخلع ضرسها في المدينة أنها لم تتمكن اليوم من متابعة حكم العدالة، الدور طويل، كل الأردن في عيادة الدكتور فرح، لكنها سمعت البث المباشرة في الباص وسمعت بقصة الحفرة التي وعدت الجهات المسؤولة بمعالجتها فورا وإرسال كوادر العمل لعين المكان، يارب مين اللي يحفر هالحقر بدرب الناس.. وكذلك حلت مشكلة الماسورة والإشارة الضوئية … ينفض مؤتمر العصريات الذي تمثل فيه القطاع النسائي والطفولي.. وتوشح ديباجة بيانه الرسمي، ياعمي مافي مثل الدولة، لولا الدولة والله غير تضيع خلق الله والناس تاكل بعض…بإنتظار ذات البرامج ونفس القضايا في نهار آخر.

























