بوتين إذ يضع العالم على حافة حرب عالمية ثالثة ..!

{title}
نبأ الأردن -

نشأت الحلبي -





حتى لحظات قصيرة سبقت فجر الخميس الرابع والعشرين من شهر شباط 2022، كان العالم يستبعد تماماً اندلاع حربٍ في أوكرانيا، فرغم الحشودات العسكرية الضخمة التي أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإرسالها إلى حدود أوكرانيا "المتمردة"، حسب ما يراها، فقد كان الرجل يُخادع العالم حين أعلن عن اصدار أمر "عسكري" معاكس بسحب القوات، وهو ما أشاع بعضاً من الطمأنينة في نفوس من "حجّوا" الى موسكو من قادة الغرب مثل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يبدو بأن بُعد المسافة التي فصلته عن "قيصر روسيا" على تلك الطاولة الشهيرة، حالت بينه وبين التقاط نوايا الرجل "العدائية جداً" تجاه الغرب.





بوتين أعاد عقارب الساعة في أوروبا كلها الآن إلى الوراء عشرات السنين مذكراً بالحربين العالميتين، فالرجل إذن لا "يمزح"، وهو يؤكد بالفعل لا بالقول، بأنه لا يريد لحلف الناتو أن يكون قريباً من حدود بلاده حتى لو كلف ذلك حرباً عالمية ثالثة، وهو ما يمكن قراءته في رسالة رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون الذي وصف بوتين بـ "ديكتاتور روسيا"، فالقصة تتعدى قصة إقليمي دونيتسك ولوغانسك إلى ما هو أبعد من ذلك، فالتهديد واضح بأن أية دولة يمكن أن تفكر بالتدخل سترى ما لم يشهده التاريخ من قبل، وهذا تهديد صريح وواضح بأن الإصبع على "زر النووي" ويمكن أن يدوسه "الدب الهائج" في أية لحظة لتدخل أوروبا كلها في أتون حرب لن تبقِ ولن تذر"، هذا في الوقت الذي يحتقن فيه العالم فيما هو أشبه بحرب غير معلنة وبعناوين اقتصادية أحياناً مثل تلك الحرب الصامتة بين أميركا من جهة، والصين من جهة أخرى، والتي تشكل أحد أهم حلفاء روسيا والتي يمكن أن تلتحق بأية حرب "مفترضة" إذا ما اندلعت.





بوتين سبق له وأن "جرّب" كل التهديدات الأوروبية عندما اجتاح جزيرة القرم وأعلن ضمها الى روسيا وللأبد، فالحراك الأوروبي والأميركي من خلفه، لم يتعدَ الحديث عن عقوبات اقتصادية تهدف الى تقويض اقتصاد روسيا بالتالي تقويض حكم الرجل "الغاضب"، وهو يؤمن الآن، على ما يبدو، بأن أوروبا لن تضحي أبداً بكل ما بنته منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها والاتجاه بعد ذلك للعمران والرخاء الاقتصادي وتحقيق السلم العالمي، وعليه فإن أوروبا الآن، وفي حسابات بوتين، أمام خيار لا ثاني له وهو الإنكفاء الى الوراء والاكتفاء بالتصريحات والاجتماعات عبر الشاشات لزعماء وقادة لا حول لهم ولا قوة لأن البديل هو دمار شامل يطال كل الدنيا، فهل يمكن لأحد أن يتخيل صاروخاً باليستياً يقصف متحف اللوفر في قلب باريس، أو يحطم بوابة براندنبورغ في قلب برلين، أو يزيل تذكار الكولسيوم في قلب روما ..؟!





تأسيساً على ذلك، فإن تحليل بوتين لنفسيّة قادة "القارة العجوز" ليس ببعيد عن الواقع، فالموقف، وعلى المدى المنظور على أقل تقدير، يؤكد بأن لا قرار أوروبي إطلاقاً بالتدخل عسكرياً لـ "نكز" الدب أكثر من ذلك، فالتجربة أثبتت بأن مجرد الحديث عن دخول أوكرانيا الى حلف الناتو والقرب أكثر من حدود "بوتين" أدت الى عاقبة كانت وبالاً على الشعب الأوكراني، فكيف يمكن أن يكون الإمعان في إغضابه أكثر خصوصاً وأنك تتحدث عن دولة كانت الى وقت قريب من يُشكّل ثنائية القطبية العالمية، وهي الآن تعود الى مكانتها بقوة الردع وليس بوسائل السياسة والدبلوماسية.





بوتين يضع العالم على شفا حرب عالمية ثالثة، لكنه يعلم في قرارة نفسه بأنها لن تندلع، وبأن الأوروبيين سيختارون العودة الى طريق السياسة والدبلوماسية المباشرة معه، وعبره، في كل أوروبا الشرقية، لأنه بات سيد المنطقة هناك، وسينتهي الأمر برضوخ أوكرانيا الى ما يريده "السيد" الذي يؤكد بأنه ورث ذاك "الاتحاد" بكل تفاصيله حتى لو كان لكل دولة ممن خرجت من تحت عباءته، رئيس وحكومة وحدود، لكنها ليست مستقلة أبداً عن "الأم"، ومصالحها العُليا"، وإلّا فإن البديل هو الدمار.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير