حين اختفت الحلول "الاستباقية" قبل المنخفض ..!

{title}
نبأ الأردن -

نشأت الحلبي -





بعيداً عن التنظير، والدخول في "الأقدار" التي هي بيد الله وحده، فإن الحديث عن تلك الكوارث التي باغتتنا خلال المنخفض الذي لم يستمر، لا سيما في العاصمة عمان، سوى لساعات قليلة، يجب أن يذهب في اتجاهٍ يضع الإصبع على الخلل.





الحقيقة المؤكدة تقول إننا نعلم عن المنخفض لمدة تزيد عن أسبوع، بل أن مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي أخذت تتندر علينا من باب أننا كنا في الماضي نُعلن عن العطلة مثلاً عندما تأتي الثلوج وتُغلَق الطرق، ولكننا في هذا المنخفض قررنا أن نبدأ العطلة قبل أن يأتي المنخفض.





إذن ليس هناك من حجة لأية جهة كانت في التقصير الذي بدا واضحاً لكل البلد، لا سيما في قطاعي الكهرباء والزراعة.





أما لماذا الزراعة، فحسب ما علمت أن شركة الكهرباء مثلاً لا تستيطع أن تُزيل أية شجرة دون الرجوع الى وزارة الزراعة لأن هذا من اختصاص الزراعة، وأضف الى ذلك أن الأخبار قالت لنا بأن الأشجار الحرجية هي من اختصاص الوزارة، وأما الأشجار المثمرة فهي من اختصاص أمانة عمان، ولعلنا هنا نُركّز على الأشجار الحُرجية لأنها كانت الضحية الأولى للمنخفص ومثال ذلك أن المدينة الرياضية لوحدها فقدت نحو 1500 شجرة ومنها أشجار معمّرة، ولا اعتراض هنا لأن هذه مشيئة الله وقوة الطبيعة.





وتأسيساً على علم جميع الجهات المسبق بموعد قدوم المنخفض، فقد كان من الأولى أن تقوم كل هذه الجهات بعمل اللازم وبالتنسيق فيما بينها مثل "قصقصة" الأشجار العالية لا سيما تلك التي تتشابك مع أعمدة وأسلاك الكهرباء، فقد ثبت بأن هذه الأشجار وسقوطها أو سقوط أغصانها الكبيرة كان السبب الرئيس وراء تقطُّع أسلاك الكهرباء، وأحيانا تكسُّر أعمدة الكهرباء، فلو تمت هذه العملية من قبل لكنا قد تفادينا كارثة انقطاع الكهرباء في وقت أحوج ما يكون له الناس للتيار الكهربائي الذي بات اعتماد الأردنيين عليه كبيراً خصوصا مع دخول مكيفات توفير الطاقة التي اقتنع بها قطاع واسع من الشعب وباتوا يعتمدون عليها، مع أننا لا نعلم إن كان هذا حقيقي أم لا، وأقصد هنا "التوفير" على فاتورة الكهرباء التي تصر على أن لا "تُوَفِّر علينا" ..؟!!





هذا من باب، ومن باب آخر، وعن إغلاق الطرق، فقد سمعنا من أخبار وزارة الأشغال بأنه تم رش "الملح" على الطرقات التي من المتوقع أن تشهد هطولات ثلجية، والسؤال : هل جرى هذا في كل الشوارع والمناطق التي توقعت الأرصاد الجوية أن تشهد هذه الهطولات خصوصاً في عمان؟





الجواب هو "أكيد لا"، والشاهد أننا شهدنا إغلاقات كبيرة للشوارع سواء الرئيسية أو الفرعية في عمان.





لربما هناك من سيتحدث عن مناطق اختصاص مثلاً، وأنا أقول إننا كشعب لا يهمنا من يختص في هذه المنطقة أو تلك لأننا في النهاية "دافعو ضرائب" ونتحدث عن حكومة واحدة وليس عن "حكومات" فالأولى أن تُنسّق كل الجهات الحكومية مع بعضها، والمواطن لا علاقة له إلا بالنتائج، فقط.





القضية الأخرى التي لفتت الأنظار خلال هذا المنخفض هي قضية أعمدة الكهرباء سواء تلك التي تساقطت، أو تلك التي انكسرت، والأسئلة هنا كثيرة سواء حول "غرس" هذه الأعمدة في الأرض وعلى أي عمق حتى يتهاوى بعضها، وعن جودة هذه الأعمدة وقدرتها على التحمل خصوصا وأننا شاهدنا أن بعضها فارغ من الداخل مما أوحى لنا بأنها أعمدة "هشّة" مع أنها تحمل أخطر مادة يمكن أن يقع بسببها الكثير من الضحايا لو أنها خرجت عن السيطرة لا سمح الله، ففي الماضي لم نكن نشهد مثل هذه الظاهرة إطلاقاً، بل أن أحد الأعمدة مثلاً في إحدى الحارات كان من معالمها ولسنوات وسنوات، بل كان "يتشعبط" عليه كل أولاد الحي دون أن "يميل"، فما هي مواصفات ومقاييس الأعمدة الحديثة التي تم اعتمادها حتى تتكسر بهذه الطريقة المفزعة و"المؤلمة" في آن..!!





المواطن يسأل : ماذا لو اشتد وامتد المنخفض أكثر مثل ما يجري في بعض البلدان التي تتساقط فيها الثلوج لأشهر، ولا تتعطل فيها الحياة، فماذا كان سيحل بنا ..؟!!





لا نريد أن نُجامل أية جهة حكومية، ولا بد من التأشير على التقصير حتى تستوي "المسيرة"، فهذه بلد احتفلت للتو بمئويتها، وهذا يعني أن المؤسسات، كما هو مفترض، راسخة، ومن يعمل فيها أصحاب خبرة وكفاءات، وغير ذلك، أصحاب شهادات تؤهلهم لأن يمتلكوا الحلول الاستباقية قبل أن تقع الكارثة، وليس العلاج بعد الكارثة.





أخيراً وليس آخراً، فإننا لا بد أن ننتوجه بالشكر العميق لإخوتنا وأبنائنا من رجال الجيش والأمن العام والدرك والدفاع المدني الذين كانوا العون والسند للناس وفي كل مكان وفي كل وقت، كما أننا نقدر ونجل جهود الشباب الذين تواجدوا على الأرض وتسلقوا الأعمدة من شركة الكهرباء، وقد كنت شاهداً على جهودهم تحت المطر وفي عز البرد.





الحال نفسه ينسحب على كوادر أمانة عمان وكل الوزارات ذات الشأن مثل الأشغال والبلديات، فهؤلاء النشامى عملوا في أقسى الظروف لفتح الطرق وتسهيل حركة الناس


تابعوا نبأ الأردن على