امل خضر تكتب : بذكرى الجلوس الملكي 26 عاما

نبأ الأردن -
يحتفل اردن المجد والعز بعيد جلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على عرش المملكة الأردنية الهاشمية ويوم الجيش وذكرى الثورة العربية الكبرى. ويأتي الاحتفال بهذه المناسبات الوطنية تأكيداً على تعزيز المنجزات ومواصلة بناء وتطوير الدولة، حيث يستذكر الأردنيون وأحرار الأمة البطولات والتضحيات الجسام التي قدمها الجيش العربي المصطفوي، وقد قادّ الهاشميون أعظم ثورة شهدتها الأمة العربية في تاريخها الحديث، حيث كانت هذه الثورة البداية الأولى لنهضة ووحدةالأمة والخطوة الأولى على طريق تحررها. وحين نتحدث فإننا نتحدث عن تاريخنا القومي الحديث الذي كانت فيه الثورة العربية منطلق مسيرتنا الخيرة والمرجع الذي يجمعنا والرسالة التي نحملها ونؤمن بها، لقد كانت فكراً قومياً توحد على يد قائد هاشمي فامتد عبر السنين والأجيال يوجه مسيرة أمة ويرسم لها معالم آمالها وأحلامها وتطلعاتها ومستقبلها. وتمثل القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي هيبة الوطن وعنوان أمنه واستقراره، فقد حمل إرثّ رسالة الثورة العربية الكبرى، لأنه الامتداد الطبيعي لجيشها وفيلق من فيالقها ارتبط تاريخه بتاريخها ارتباطاً عضوياً، وتشكلت نواته من النخبة التي اتحدت تحت راية سمو الأمير عبدالله بن الحسين في الحادي والعشرين من تشرين الأول عام 1920 في معان، بعد أن كان لها الدور الكبير في عمليات الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من بطحاء مكة على يدِّ الشريف الهاشمي الحسين بن علي عام1916. وشكل الجيش العربي ركناً أساسياً من أركان الدولة الأردنية وبناؤها، وكانت له مساهمة كبيرة في تطور الدولة وتحديثها على المستويات كافة، وكان ينمو مع نمو الدولة، ويتطور بفضل الرعاية والدعم الهاشمي المتواصل منذ عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين،الذي أراد له أن يكون جيشاً عربياً مقداماً يحمل راية الثورة العربية التي استمدت ألوانها ومعانيها وقيمها وأهدافها من رايات الأمويين والعباسيين والفاطميين، ومن ثم أكمل بنو هاشم مسيرة بناء هذا الجيش منذ عهد جلالة المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله وجلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال وصولاً إلى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه الذي أكمل المسيرة ووصل بالأردن وجيشه المقدام المغوار إلى مراتب التميز وهو يكمل هذه الأيام مسيرة خير مباركة استمرت مكللة بالعطاء والانجاز والصبر والتحدي وكان الإنسان الأردني محورها والعمود الفقري لكيان هذا الوطن العزيز بأهله وقيادته ومؤسساته. وبدأ تأسيس الجيش العربي في معان في الفترة الأولى من تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، وبعد تشكيل أول حكومة أردنية في إمارة شرق الأردن تم تأسيس أول قوة عسكرية بلغ قوامها 750 رجلاً من الدرك والمشاة النظامية والهجانة سميت بالقوة السيارة، وتولى قيادتها الكابتن البريطاني فريدرك بيك، وكانت أولى مهامها توطيد الأمن والأمان والاستقرار في البلاد، وتولى سمو الأمير عبدالله منصب القائد العام للجيش، وعمل عندها على تنميته وتزويده بالأسلحة وفق الإمكانيات التي كانت متاحة على أسس جديدة تأخذ بعين الاعتبار عبء المسؤولية الملقاة على عاتقه، وتم تشكيل كتائب المشاة الأولى والثانية والثالثة، وفي عام 1943 وصل تعداد الجيش إلى حوالي 6000 رجل شاركوا في الحرب العالمية الثانية في العراق وسوريا، وأعيد تنظيم الجيش وانضوت قواته تحت ثلاثة ألوية بالإضافة إلى الكتيبة الرابعة وحاميتين، واستمر الجيش بالتطور إلى أن وصل تعداده عام 1945 نحو 8000 جندي وضابط، وكان منظماً في 16 سرية مستقلة وقوة شرطة مؤلفة من ألفي رجل. وفي الخامس والعشرين من أيار 1946 حقق الأمير عبدالله بن الحسين امال وطموحات الشعب الأردني باستقلال البلاد، وبويع ملكاً عليها، وظل جلالته يواصل مساعيه في تنمية الجيش وتعزيز الروح العسكرية فيه رغم الصعوبات التي كانت تواجهه آنذاك. وكان رجال الجيش العربي يفتخرون بالشعار الذي يزين جباههم بلونه الذهبي، وما يحمل من معاني سامية والذي منه يستمد العزم والعمل، أما الاحتراف والتميز فهما عنوانان آخران لهذا الشعار، ففيه يحتضن التاج الملكي بسيفين متقاطعين يرمزان للقوة والمنعة، كما يحتضن التاج الملكي والسيفان المتقاطعان إكليل الغار الذي يرمز إلى البطولة ويدل على الخير والسلام، ويتوسط الشعار عبارة (الجيش العربي) التي تتضمن معاني قومية ووطنية سامية، ومن يقرأ بتأن مضامين وأبعاد هذا الشعار فإنه سيصل في النهاية إلى حقيقة راسخة تدل أن هذا الجيش ورجاله نذروا انفسهم منذ تأسيسه للدفاع عن قضايا الوطن والأمة العربية الكبيرة وهذه هي رسالة الهاشميين وأهداف ثورة أحرار العرب وهي الرسالة التي حملها هذا الجيش وأصبحت إرثاً تاريخياً يعتز به وينافح عنه بالمهج والأرواح. وفي مرحلة ما بعد الاستقلال ظل الملك المؤسس يرعى الجيش العربي، ويعمل على تنميته وتطويره حتى أصبحت قوة الجيش العربي في أيار عام 1948 تتألف من أربعِ كتائبٍ آلية وبطاريتي مدفعية وسبع سرايا مشاة، وكان للجيش العربي مشاركته المشرفة في حرب فلسطين عام 1948 ، والتي سطر فيها صفحات البطولة، وقدم قوافل الشهداء التي لا زالت أرض فلسطين تنعم بنجيعها على بوابات القدس واللطرون وباب الواد وجنين وغيرها، وعندما وجدّ الملك عبد الله بن الحسين أن جبهة المواجهة مع إسرائيل أخذت تزداد، وأصبحت أكثر اتساعاً دفعه ذلك إلى إعادة تنظيم سرايا المشاة، وتشكلت الكتيبتان الخامسة والسادسة، وتواصلت عملية النمو والتوسع في الجيش العربي، ففي عام 1951 ضمَّ فرقة تتألف من ثلاثة ألوية، وأنشئت قبل ذلك بعام مدرسة للمرشحين لتخريج الضباط بما يتلاءم وحاجة الجيش المتزايدة، إضافة إلى عدد من المدارس الفنية ومدارس الأسلحة لتدريب الضباط، كما بدأت في تلك الفترة نواة سلاح الدروع والمدفعية والهندسة وبلغ تعداد الجيش عام 1951 ما يقارب 12 ألف رجل. وعلى بوابة الأقصى عام 1951 استشهد جلالة الملك المؤسس، ليكتب عند الله شهيداً بإذن الله، ضارباً المثلّ والقدوة الأعلى في التفاني والتضحية من أجل الوطن والأمة، ومن ثم انتقلت الراية في أيلول عام 1951 إلى الملك طلال ، حيث كان الأردن يقف بصلابة وقوة تحت ضغوط الاعتداءات الإسرائيلية، فشُكل الحرس الوطني، وكان قوة احتياطية مهمة تقوم بمساعدة الجيش العربي في الدفاع عن ثرى فلسطين، إلا أن الأقدار كانت محتمة حيث ساءت صحة جلالته ونودي بجلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله ملكاً على البلاد في الحادي عشر من آب عام 1952 لمتابعة مسيرة اجداده الخيرة. ورغم الفترة العصيبة من حياة الأردن السياسية، واستمرار حوادث خرق الهدنة وتبادل إطلاق النار مع العدو الصهيوني عبر الحدود الأردنية، جاء الأول من آذار عام 1956 ليكون يوماً مميزاً في تاريخ الأردن المعاصر، ويوماً يسجل بأحرف من نور في ذاكرة الوطن ، حيث اتخذ جلالته قراره القومي والتاريخي بتعريب قيادة الجيش العربي لتكون القيادة عربية أردنية، والاستغناء عن خدمات كلوب باشا الإنجليزي. ويستمر التطور على مستوى القوات المسلحة لنحط عند محطة مهمة، وهي إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية عام 1957 للتخلص من بقايا النفوذ والسيطرة الاستعمارية والتدخل في الشؤون الداخلية للأردن. واستمر الاهتمام بالجيش درع الوطن وحصنه المنيع، منطلقا جلالته بإعادة بناء الجيش، حيث أصدر جلالته عام 1956 أوامره بفصل الدرك عن الجيش وإلحاقه بوزارة الداخلية، وعمل على الارتقاء بالجيش وقيادته تدريبات و تسليحاً وتنظيما، وتابع الحسين رحمه الله عملية بناء الجيش بدءاً بالتأهيل والتدريب واكتمالاً بالتسليح والتجهيز إلى أن وصل الجيش مصاف الجيوش الكبرى. فها هي أيام البطولة والفداء للجيش العربي الأردني لا تنسى على مرّ العصور، حيث خاضّ فيها معارك الشرف والبطولة في العديد من الدول العربية خاصة على ثرى فلسطين الطهور، فقدم الأردن في سبيل ذلك الكثير من الشهداء الذين لا زالت الأرض العربية تروى وتنبض بدمائهم الزكية، فقدموا في سبيل القضية الغالي والنفيس فكان نضال الهاشميين والجيش العربي في سبيل الله أولاً ثم في سبيل رفعة الأمة وكرامتها. وهذا ليس بمستغرب على هذا الجيش الذي أريد له أن يكون جيشاً وسندا وسدالكل العرب يحمل منتسبوه شعار الكرامة والعز والفداء، وجاءت تسميته بهذا الاسم نتيجة للدور الكبير الملقى على عاتقه، ولقد جاء على لسان جلالة الملك عبدالله الأول في التاسع والع…