د. ماجد الخواجا يكتب: على سبيل فوز أبو إيفانكا فقد حانت لحظات الحماقات الأخيرة

{title}
نبأ الأردن -
لن يكون هناك لحظات أكثر وضوحاً وفجاجةً من فترة تولّي ترامب لرئاسة الولايات المتحدة ومنها رئاسة العالم باعتباره حاكماً لأقوى دولة في العالم.
عادت إيفانكا وزوجة ترامب ونائبه وجوقة المطبلين له لنحظى بحفلة من جنون صاخبٍ قد تودي بهذه الكرة الأرضية إلى الثقب الأسود الكوني.
عاد تألق منصات الإعلام الإلكترونية في انتظار تغريدات أبو إيفانكا، ليعود العالم واقفاً على شعر رأسه مشاهداً أثر هذه التغريدة في تحولات وتغييرات على وجه دولة أو نظام سياسي أو قانون دولي أو عرف إنساني.
تغريدة كافية لتطفئ حرباً ممتدة، أو تشعل حرباً لا تنتهي. تغريدة تعيد العالم محكوماً بوادي السيليكون الترامبي، تغريدة تدلل على أن ما كان يسمّى بالعلاقات الدولية أصبحت أثراً بعد عين، وأن ما كان يدعى بالحوكمة الرشيدة أصبحت شيئاً من الماضي.
عالم محكوم بتغريدة، أي جنون أكثر من هذا، لقد أعاد ترامب مجده وعتيّه واستعلائه واستكباره على العالم أجمع، فكان خطابه بمثابة الوصي الملهم المخلّص الحامل للعهد والوعد الإلهي.
لا أستغرب فرح كثيرين في العالم بفوز ترامب التاريخي وغير المسبوق أمريكياً، فهو كما تدلل النتائج سوف يحصد أعلى النسب في أرقام المقترعين للجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ مع نسبة مرتفعة لفوز تاريخي بالرئاسة، لقد تغيّر وجه أمريكا، ولن تعود قبلة العالم في حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، سيتم إعادة النظر بكل تلك المفاهيم وإعادة تفصيلها على مقاسات وأمزجة وأهواء اليمين المتشدد المتزمت الباحث عن الخلاص الإنساني بالفهم البروتستانتي، ولا تنسوا حين قال ترامب أن هناك حماية إلهية له أبقته على قيد الحياة ليوصل رسالة السماء الإلهية عن طريقه.
أقول لم أستغرب فرح الكثيرين وخاصة عصابات الكيان الصهيوني الذي صرّح نيابة عنهم نتنياهو أنه بفوز ترامب فقد أصبحت الساحة مريحة والأهداف واضحة.
بالتأكيد فقد تعلّم ترامب الشيءالكثير من فترة رئاستة الأولى ومن نتائجما تمخضت عنه فترة نجاح بايدن، كما أنه ما زال تحت وطأة كثيرٍ من القضايا التي لم تصدر بها قرارات قضائية نهائية، وبالتأكيد فهو قد أنضج تجربته الأولى، لكن خطاب النصر الذي قدّمه ما زال تحت وقع نظرية الرجل القوي one man show، فهو ما زال يعتقد أنه يمتلك الحلول لكافة قضايا البشرية، حلول تكفي لإطفاء كافة الحرائق والحروب بطريقته المعهودة، فيما يسود التناقض السفيه خطابه، فهو يقدم الشكر للناخبين من جميع الأعراق والديان والمذاهب ومنهم العرب، لكنه بنفس الوقت يضرم النار الجاهزة تحت أقدام المهاجرين الذين أطلق عليهم لقب المجرمين والهاربين من تنفيذ الأحكام بحقهم في بلادهم، وأنه سيكون الحاجز المانع لهم بالدخول في المجتمع الأمريكي. وهو يعد بأمريكا أقوىن ويحدد خصومه في الصين تحديداً، ويستثني روسيا وكوريا الشمالية وحتى إيران. ربما لاعتقاده أن بإمكانه إجبارهم على حلول ترامبية.
العالم مع ترامب سيصبح على جناح يمامةٍ لا ترى طريقها، لكن الحكاية لن تنتهي عند هذا المشهد الترامبي، إن أمريكا نفسها لن تحتمل كل الحماقات التي سيحاول ترامب فرضها على الجميع.
أي مشهد سريالي يعيشه العالم الآن في الحقبة الترامبية، هل سنشاهده وهو يترأس اجتماعات الدول هنا وهناك ويملي عليها خطاباً عرمرمياً من إملاءات واستقواءواستعلاء، ورضوخ وإذعان من العالم بأسره لمزاج أبو إيفانكا.
إنها حقاً مرحلة مكتظة بالجنون والحيرة والترقب، هذا العالم لم يعد يحتمل كثيراً من التجارب والتغريدات الترامبية.
أستذكر شيئاً من تصريحات ترامب في انتخابات 2020، عندما أعلن عن وجود تزوير وعن وجود صناديق مجهولة المصدر وعن تحشيد ضده، لغة غير مسبوقة في الولايات المتحدة، استوردها ترامب من مناطق أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، وطبعا من الأنظمة العربية المبدعة في فنون تزوير إرادة الشعوب.
أي جنون ينتظر العالم أكثر من أن يصبح منقاداً لتغريدات ترامب. سيعود لمنصة X ألقها الترامبي، ستعود المصدر الرئيس لما سيحدث هنا وهناك.
أفهم أن يكون لترامب مؤيدين في عديد من مناطق العالم، لكن لا أفهم كيف يمكن تأييده من جهاتٍ يرى في وجودها عائقاً ومعضلة لا ينبغي لها أن تظل على قيد الحياة.
ربما لن يكون العالم أكثر هدوئا فيما لو فازت هاريس بالانتخابات، لكن بالتأكيد لن تمارس الحماقة السافرة كما يفعلها ترامب.
العالم الآن منهك ومتعب لا يقدر على مواصلة الجنون البشري، ومن يعتقد أن الخلاص بيد الملهم الحامل للوعد الإلهي، يدرك أن أزرار القنابل النووية أصبحت قريبة جداً من أصابع إطلاقها. فهل ينطفئ نور الكرة الأرضية بفعل تغريدة ترامبية.

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير