د. ماجد الخواجا يكتب: لماذا فشل التيار أو التحالف الديمقراطي في اختبار الانتخابات

{title}
نبأ الأردن -
هناك حالة إخفاق لأحزاب يسارية وقومية التي دخلت الحياة الحزبية وهي ما زالت ترتدي ثياب الثورية وأحذية المعارك، فلا هي قادرة على الاندماج بالكامل في الحياة السياسية والحزبية، ولا هي قادرة على التخلّي عن ثوابتها ومنطلقاتها التاريخية.
لكن من غير المفهوم إخفاق التحالف الديمقراطي الذي تبنى فكراً يعتبر بمثابة الطريق الثالث كي يقدم مشهداً حزبياً بلونٍ وطيفٍ واسعٍ، إضافةً إلى توفير فرص النمو لهذا التحالف عبر عضوية عديد من أفراده في اللجنة الملكية للتحديث السياسي، وتعيين عديد من رموزه في مواقع مرموقة، فكانت المفارقة كبيرة ومذهلة بعدم فوز التحالف الديمقراطي بأي مقعد من مقاعد الدائرة الوطنية الحزبية، هذا التحالف الذي ولد لغايات انتخابية بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي والحزب المدني الديمقراطي اللذين يحملان ويتبنيان نفس النهج والفكر والمواقف، لكنها غلبة المصالح حالت دون اندماج الحزبين في حزب واحد يعبّر عن الفكر الديمقراطي الاجتماعي المعروف باسم الطريق الثالث ما بين الفكر اليساري الشيوعي، والفكر الرأسمالي الليبرالي، فجاء هذا تحت عنوان العدالة الاجتماعية والاقتصاد الاجتماعي والديمقراطية الاجتماعية.
أقول إنه بالرغم من شدة الوقع والوجع، إلا أن النتيجة متوقعة، فلا يعقل لحزب متجذر فكرياً وبرامجياً، وتأسس بجهود مضنية وسهر ليالٍ طوال، لا بل إن هذا النهج الفكري حاز على نصيب الأسد في اللجنة الملكية للتحديث السياسي وكانت لهم بصماتهم الواضحة في مخرجات اللجنة وتوصياتها التي أخذت طريقها وأصبحت جزءاً من التعليمات.
أقول لقد أخفق التحالف بسبب أنه حمل مسؤولية رسوبه بداخله، فقد استدرج كلا الحزبين إلى حكاية ضم واستقطاب الأعداد الكافية التي تؤهله لانطباق المعايير والشروط عليه، ومع أن الحزبين يستندان إلى مرجعية ومسار فكري محدد، لكنه تنحى جانباً في سبيل تحصيل متطلبات الترشّح للانتخابات.
ربما ليس الآن أوان المكاشفة والمحاسبة والتقييم لمجريات العملية الانتخابية وتحديد المسؤولية في أسباب الحصول على مثل هذه النتيجة المفجعة حقاً.
كان الفهم الحزبي للواقع والترتيب المنطقي أن التحالف الديمقراطي ياتي متساوقاً أو متقدما بمرتبة عن الحزبين الجديدين وأعني حزب الميثاق وحزب إرادة. فهناك تراكم خبرة وجهد حزبي ونهج برامجي واضح لدي الديمقراطيين، كان من المفروض أنهم يتجاوزون بمراحل المتطلبات من الأحزاب الجديدة.
إن سقوط التحالف الديمقراطي هو درس بالغ الأثر ويتطلب مراجعة سريعة ومكثّفة لجملة ما حدث، ويبدو أن أول ما ينبغي لهم فعله هو الإعتراف بعدم النجاح، وتحديد المسؤولين عن ذلك الإخفاق وتنحيهم جانباً من أجل إعادة إحياء الفرص أمام الحزبين للتطور بشكلٍ أكثر واقعية وجديّة.
هذا كله أمر ينبغي أن يكون هناك عمل دؤوب وجهد مضنٍّ في سبيل تحقيقه.
لن يتلاشى الفكر الديمقراطي الاجتماعي، ولن يذوي الحزبان في عتمة ليل الأحزاب، لكنه جرس يدق بأن لا بد من مراجعة جذرية للعمل والقائمين عليه.
ليست نهاية الشوط ولا المطاف نتائج دورة العشرين النيابية، لكن هناك بداية أخرى مطلوب القيام بها منذ الآن لدورة الحادي والعشرين القادمة.
والحديث السابق ينطبق على الأحزاب القومية واليسارية التي لم تتمكن من الحصول على مقعد واحد في هذا المجلس، وأعتقد أنها ستبقى تدور في دائرة مفرغةٍ طالما بقيت بعقلية الستينيات من القرن الماضي وتصر على أن يكون لها مساحة ومكانة على خارطة الحياة الحزبية والسياسية في المئوية الأولى من الألفية الثالثة. عليها المراجعة الحقيقية لتحديد إمكانية ممارسة العمل الحزبي الفعلي أم أنها ستبقى حاملةً نبراس الحلم القومي والشيوعي والتقدمي دون محاولة الانخراط الجاد في صفوف الجماهير التي بالتأكيد لها أولوياتها وحاجاتها التي تريد الخبز مع الكرامة، الماء والكهرباء مع الحرية.
لقد شاهدتهم وهم يقدمون أنفسهم للناخبين من مرشحي الأحزاب اليسارية والقومية، كان إذا تحدث أحدهم عن مطالب محددة، بدت مطالبه بشكل سطحي غير مقنع أبداً.
نبارك للفائزين في مقاعد المجلس العشرين، ونتمنى المراجعة الحصيفة الصادقة لكافة الأحزاب التي لم يحالفها النجاح، فإما أن تعترف أو تنحرف، أن تعتبر أو تندثر، أن تندمج وأن تخرج من شرنقة الأحزاب الشخصية والتاريخية. وللحديث بقية.
جميع الحقوق محفوظة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير