ألبانيز تخاطب الضمير العالمي.. وتوثق بالأدلة جريمة الإبادة في غزة

{title}
نبأ الأردن -
"أجد أن هناك أسباباً للاعتقاد بأن الحد الأدنى الذي يشير إلى ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين كمجموعة في غزة قد تم استيفاؤه".. بهذه النتيجة والوقائع خلصت المنسقة الخاصة لحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز في تقريرها الأخير إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والذي تم استعراضه خلال اللقاء الذي نظمته منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، ضمن برنامج القضية الفلسطينية في مركزها البحثي، الثلاثاء 16 نيسان/ أبريل 2023، بحضور حاشد من ممثلي المجتمع الأردني بكافة أطيافه ومحافظاته، وممثلي الجهات الحكومية والتشريعية والشخصيات الإعلامية وممثلي سفارات دول عالمية والمجتمع المدني المحلي والمنظمات الدولية. 

ألبانيز، مستشارة برنامج الهجرة واللجوء في مركز النهضة الاستراتيجي التابع لمنظمة النهضة (أرض)، وصوت الحق الإنساني، لم تتردد خلال استهلالها لتقديم تقريرها ورؤيتها القانونية بصفتها المقررة الأممية، مخاطبة الضمير العالمي لما يحدث من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، حيث بينت أن هناك ثلاثة أعمال إبادة جماعية قامت بها إسرائيل في غزة؛ وتمثلت بـ"أذى جسدي أو عقلي خطير لأعضاء الجماعة (في غزة)، وألحقت عمداً بظروف حياة الجماعة، بقصد تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادة فيها. "بعد ما يقرب من ستة أشهر من الهجوم الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة المحتل، من واجبي الرسمي أن أقدم تقريراً عن أسوأ ما تستطيع الإنسانية أن تفعله، وأن أعرض ما توصلت إليه: "تشريح الإبادة الجماعية". 

منادية المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع مزيد من الضحايا في غزة، تحمل مسؤولياته في هذا الصدد، في ظل ممارسة الغرب ازدواجية المعايير إزاء ما يحصل في القطاع، مؤكدة أننا نمر بالساعة الأشد ظلمة، فإسرائيل قضت على سبل العيش في قطاع غزة بشكل ممنهج واستخدمت السكان دروعاً بشرية كذريعة للحماية وكتمويه إنساني لإخفاء أنماط السلوك التي يمكن الاستدلال منها بشكل معقول على سياسة الدولة المتمثلة في الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.

وفي كلمة له حول ما جاء في التقرير، قال رئيس مجلس أمناء النهضة العربية (أرض) ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أ. د. زيد عيادات، أنه "في الأشهر الستة الماضية، شهدنا فظائع تلو الأخرى في غزة دون مساءلة من المجتمع الدولي. لتأتي محدثتنا ألبانيز وتقف الليلة على النقيض من أولئك الذين سمحوا بحدوث ذلك، مدافعة عن الأصوات الفلسطينية".

فيما أكدت المديرة التنفيذية للنهضة (أرض)، سمر محارب أن الشارع الأردني والمجتمع الدولي وجميع من يؤمن بالقانون الدولي وحقوق الإنسان يمدون لألبانيز كافة أشكال التضامن. كما أكدت في ذات السياق على أن منظمة النهضة (أرض)، وضمن برنامجها للقضية الفلسطينية، مستمرة في جهودها المتمثلة في رفض الاستعمار، ودعم اللاجئين الفلسطينيين والمساءلة والمحاسبة لكونها شرط أساسي لتحقيق نهضة العالم العربي.

وفي نظرة تفحصية للتقرير، قال المحامي الدولي وعضو الشبكة الدولية للقضية الفلسطينية في منظمة النهضة (أرض)، د. أنيس القاسم، "أقدر ما مررتي به وأنتِ تحللين مفهوم الإبادة الجماعية في تقريرك الذي يتألف من 8 فصول وهو موثق بعناية شديدة.. وهنا متأكد أنكِ كنتِ جادة في توثيق هذا التقرير، رغم علمها المسبق أنها ستكون محل التهديد والاتهام "، مضيفاً: "أشجع الجميع على قراءة هذا التقرير واستخدامه لبيان خطورة ما يحدث في غزة وفلسطين بشكل عام".

وشدد القاسم على أن واحدة من أهم النقاط الصعبة المركزية المذكورة في الفصل السادس من التقرير استخدام "التمويه الإنساني" كترخيص للقتل، قائلاً "من الناحية القانونية، عندما تكون هناك شكوك، ينبغي معاملة المرء كمدني، إلا أن إسرائيل تعامل جميع السكان كأهداف عسكرية، ولغاية اليوم لا يوجد لدينا لجنة مستقلة للتحقيق في مسألة الدروع البشرية".

بدوره، نبه مستشار برنامج القضية الفلسطينية في النهضة (أرض)، د. ليكس تاكنبرغ، إلى أن ما يحصل في غزة هو استمرار لأكثر من 75 عاماً لانتهاكات الاحتلال للقانون الدولي في فلسطين والتي تتواصل دون أي مساءلة أو عقاب، في ظل محاولاته لنزع الصفة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني.

وعودة لحديث ألبانيز أثناء نقاشاتها وردودها على استفسارات المشاركين في اللقاء، أوضحت أنه "لجنة للتحقيق في أحداث غزة واجهت التشهير من قبل القوى الغربية"، مؤكدة على أن "فلسطين بمثابة عدسة مكبرة لرؤية الديناميكيات والتحولات بين شمال العالم وجنوبه وبين الدول العربية". ورأت أن سكان أوروبا يركزون اهتمامهم على معسكرات الاعتقال ويتجاهلون أفعال التجريد من الإنسانية والتي أدت إلى الهولوكوست.

وأكدت على أن ما يحدث في غزة ليست كارثة إنسانية، بل قضية قانونية تستدعي حلاً سريعاً وبتدخل دولي عاجل، وفرض حظر على مد الأسلحة لإسرائيل ودعم التحقيقات المستقلة في جرائم الحرب المزعومة. ويؤكد التقرير على ضرورة المساءلة وتعويض الضحايا واتخاذ المجتمع الدولي تدابير استباقية لمنع وقوع أعمال عنف مستقبلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وضمان العدالة وصون حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، مما يعزز السلام والأمن في المنطقة.

ورغم شعورها بالمرارة والألم من إسكاتها واتهامها بمعاداة السامية في محاولة لصرف انتباه العالم عن تقريرها المهم، تقر ألبانيز بأن "هناك أصوات من المجتمع المدني والإعلام وحتى الأفراد ما تزال تتفاعل وتتضامن مع ما أقوم به من رصد وتوثيق للأحداث المفجعة.. لكن النضال مستمر وهو مشترك بيننا جميعاً، والتغيير يبدأ بقوة الناس، فعلى مر التاريخ حققنا أشياء لا تصدق من خلال الوعي والإيمان بالإنسانية والاتحاد".
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير