بلال حسن التل يكتب: رسالة إلى شباب الحركة الاسلامية لاتكونوا ستارا للفتنة

{title}
نبأ الأردن -
هذه رسالة من قارئ جيد لتاريخ الاخوان المسلمين، الذين صار بعضهم يحب مسمى الحركة الإسلامية، مشاركا من حيث يدري او لا يدري بطمس الاسم الأصلي للجماعة،وهو سلوك وان كان مبررا لفروع الإخوان المسلمين في دول اخرى، اجتثهم منها، بل صار الانتماء لهم فيهايستحق عقوبة الإعدام، او السجن مدى الحياة، وفي احسن الاحوال لم تكن تعترف باسم الاخوان المسلمين او تتحسس منه، فصار اسمهم في لبنان الجماعة الاسلامية، وحركة مجتمع السلم في الجزائر، وحركة النهضة في تونس، والتنمية والعدالة في المغرب،،،،، الخ، بينما ظل اسم الإخوان المسلمين معترف به في الاردن قانونيا حتى يوم الناس هذا، وهذه واحده تحسب للدولة الاردنية.
وقرأتي لتاريخ الحركة ليس من بطون الكتب فحسب، بل من أفواه رجال الحركة ودعاتها، فقد استمعت في بواكير وعي الى الكثير من محمد سعد الدين خليفة قائد جوالة الاخوان المسلمين في الضفتين في خمسينات القرن الماضي، ومن الحاج ممدوح الصرايرة قائد كتيبة اخوان الأردن في حرب فلسطين عام 1948،واستمعت ايضا من ابي النور المصري في اربد،مثلما استمعت في اربد ايضا من ياسر ابو الحسن ومحمود ابو ارشيد وكامل العمري وغيرهم ، وفي بواكير الشباب سمعت وعملت بمعية الحاج منصور الحياري والحاج حسين حياصات والحاج سليمان عربيات والدكتور عزت العزيزي، وهم كوكبة من الذين حملوا اعباء مرحلة التأسيس الاولى في الأردن، مع مؤسس الجماعة في الاردن الحاج عبد اللطيف ابو قورة، ثم توطدت علاقتي مع المراقب العام الثاني للجماعة الاستاذ المرحوم محمد عبد الرحمن خليفة، وفي خارج الاردن استمعت وتعلمت من العلامة ابو الاعلى المودودي عندما اكرمني في بيته في لاهور باكستان، وحاورت محمد حامد ابوالنصر المرشد العام الرابع للجماعة في شقته بمنطقة المنيل بالقاهرة، وحاورت المستشار مامون الهضيبي بمنزله في القاهرة يوم كان نائبا للمرشد العام، ثم بعد ان اصبح مرشدا عاما، وتوطدت علاقتي بالاستاذ المرحوم صلاح شادي يوم كان نائبا للمرشد واستضفته في الاردن أياما، وتحاورت مع الشيخ فيصل المولوي والأستاذ ابراهيم المصري في لبنان، ومن سوريا استمعت الى عصام العطار وحسن هويدي وعلي صدر الدين البيانوني وغيرهم، وتحاورت مع محفوظ النحناح وعبد الرحمن السعيدي من الجزائر، وشاركت بالإشراف على طباعة ونشر كتاب البوابة السوداء لمؤلفه احمد رائف وهو اول كتاب يتحدث عن تعذيب الاخوان المسلمين في مصر وقد طبع ونشر في الاردن على نفقة والدي رحمه الله، ومثله كتاب عندما غابت الشمس لعبد الحليم خفاجة، وتوطدت الصداقة بيني وبين الاستاذ كمال الهلباوي منذ سبعنيات القرن الماضي، وشاركت في نشاطات مسجد ميونخ في ألمانيا، واستمتعت من راشد الغنوشي وغيرهم كثير، وقد اجمع هؤلاء جميعا على ان الدولةالاردنية شكلت حاضنة حنونة للجماعة (الحركة الإسلامية ) يوم ضاقت عليها الارض بما رحبت، وصار قادتها مطاردون في دولهم فلم يجدوا لهم مأوى إلا في الاردن الذي منح الكثيرين منهم جنسيته. مثل سعبد رمضان وغيره، بل لقد جاءت لحظة كادت فيها الحرب ان تقع بين الاردن وسوريا بسبب حماية الاردن للاخوان المسلمين(الحركةالاسلامية) الذين فروا من سوريا الى الأردن طلبا للحماية. كما تحمل الاردن الكثير من جمال عبد الناصر ولم يقايضه بالحركة الاسلامية.وكذلك كان موقف الاردن مع العديد من الدول العربية التي كانت تعادي الاخوان المسلمين لكن الاردن رفض المقايضة بهم مع هذه الدول .

والاردن هو الذي اطلق سراح الشيخ احمد ياسين الذي كان محكوما بالسجن مدى الحياة ، وقداصر الاردن على عودة الشيخ الى غزة، بعد انتهاء علاجة في مدينة الحسين الطبية، وهو الذي انقذ حياة خالد مشعل، عندما حاول الموساد الاسرائيلي اغتياله، والاردن هو الذي استقبل موسى ابو مرزوق عندما اخرجته الولايات المتحدة الأمريكية من سجونها.

والقارئ لتاريخ الحركة الاسلامية في الأردن يكتشف ومن الوثائق ان جماعة الإخوان المسلمين في الاردن هي الجماعة الوحيدة من كل تفرعات الاخوان المسلمين في العالم التي تاسست و بدأت نشاطها برعاية راس الدولة، فقد تم افتتاح اول مقر للإخوان المسلمين في الاردن برعاية جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، وبدا حفل الافتتاح بالسلام الملكي الاردني،وكان العلم الاردني يرفرف في جنبات الاحتفال، رافق ذلك وسبقه وتلاه مراسلات جرت بين جلالة الملك المؤسس ومؤسس الجماعة ومرشدها الأول الإمام حسن البنا، الذي اوفد صهره وامين سر الجماعة عبد الحكيم عابدين للقاء جلالته.

منذ التأسيس ظلت الجماعة تعمل في كنف الدولة الاردنية، وصار من اعضائها وزراء واعيان ونواب،ناهيك عن تواجدهم في كل دوائر الدولة ومؤسساتها، ولم تمنعهم الدولة الاردنية من حقوقهم كمواطنيين بسب انتمئهم للجماعة، كما فعلت الكثير من الدول معهم، وقد حفظت الجماعة في مراحلها السابقة الود للدولة، وتصرف عقلائها على اساس ان للدول التزاماتها التي تحكم قراراتها ومواقفها، ومن ذلك انها في فتنة ايلول 1970 حيدت قواعد عملها الفدائي التي كانت تعرف بقواعد الشيوخ، فلم تتعرض لها القوات المسلحة الأردنية.

لقد ظلت حبال الود قائمة بين الحركة الاسلامية والدولة الاردنية مادامت الحركة متمسكة بثوابتها، مقدرة لظروف الدولة الاردنية والتزاماتها، وهو مالم يعد كسابق عهده في كثير من المفاصل، وصارت بعض التيارات داخل الحركة تجنح الى عدم مراعاة ظروف الدولة والتزاماتها،بل لقد ذهبت هذه التيارات الى بناء تحالفات ولجان تنسيق مع قوى سياسية هي امتداد لقوى نكلت بالحركة الإسلامية عندما كانت هذه القوى في تحكم دولا عربية ، اضافة الى ذلك فان هذه التيارات التي تعمل داخل الحركة الإسلامية لم تتعلم من الدروس التي تقول انه ما من حركة سياسية او دعوية غالبت الدولة الا انكسر ظهرها، والشواهد على هذه الحقيقة كثيرة من مصر وسوريا وتونس... الخ. ومن تجارب الإخوان المسلمين في اكثر من بلد.

لذلك كله فان على شباب الحركة الإسلامية قراءة التاريخ الحفيقي لحركتهم حتى لايظلموا أنفسهم، وبلدهم الاردن، فليس من الفضل التنكر لدور الاردن في رعاية الحركة الاسلامية،وليس من الحكمة التلويح بالمغالبة، وليس من الحكمة ان تتحولوا الى ستارا لمن يريد الفتنة في بلدكم، بل الحكمة هي في البعد عن لغة المغالبة والندية للحفاظ على استقرار الاردن، وديمومة العمل الإسلامي الرشد فيه كما كان لعقود طويلة.
تابعوا نبأ الأردن على