زهدي جانبيك: اسواق الكلام

نبأ الأردن -
الاسواق هي الاماكن التي توفر مساحة لعرض السلع وطلبها، وتتطلب وجود موظفين ووظائف منها: "الامين" و"البرّاح" و "البائع" و "الشاري"،
فاسواق الكلام اذن هي الاماكن التي يتم فيها طلب وعرض الكلام، وفيها الامناء والقضاة والمحكمون (الذين تنصب لهم القباب كما كان يحدث في العصور القديمة) وفيها ايضا:
- البرّاحون (هم الدلالون والمنادون) ،
- والبائعون،
- والمشترون .
ومن اسةاق الكلام القديمة عند العرب:
- «سوق حباشة»، يجتمع الناس فيها من قبائل شتى، وكان لها شأن ثقافي واجتماعي واقتصادي، وهي الاقدم.
- سوق عكاظ تعود بدايته إلى عام 501 للميلاد وأعادت المملكة العربية السعودية إحياءه عام 2008 وكانت تقام في ذي القعدة.
وقد كانت سوق عكاظ سببا في حرب الفجار الأولى ذلك أن بدر بن معشر الغفاري كان يجلس في سوق عكاظ ويمد رجله ويفتخر على الناس قائلا: «أنا أعز العرب فمن يزعم أنه أعز مني فليضربها بالسيف.» فتضايق رجل من تكبره وضربه بالسيف فاشتعلت الحرب لسنين.
- سوق مجنة وكانت تقام في العشر الاواخر من ذي القعدة.
- سوق ذي المجاز وكانت تقام في الثماني الاوائل من ذي الحجة.
- سوق المربد حيث كل قبيلة تعرض فيه شعرها ومفاخرها كما تعرض عروضها، وسوق مربد كان مكان اجتماع العرب ومتحدثهم وقد نشأت هذه السوق بعد الاسلام فمنعت اشعار عصبية الجاهلية... الا انها غضت النظر، فتسامحت أحيانا وأحيت ما أماته الإسلام من حمية جاهلية وثارات وعداوات، كان يبعثها الناس من تلقاء أنفسهم احيانا، ...أو... بتشجيع خفي من "عسس" بعض خلفاء الدولة الأموية؛ ليشغلوا الناس بعضهم ببعض عن الخلافة والخلفاء.
" لا عُسَّاس و لا مُكَّاس ":
اما حديثا، فقد يكون هناك الكثير من الامثلة لاسواق الكلام التي لم يصل خبرها الى علمي.
إذ قد تم استبدالها وحل محل اسواق الكلام القديمة سوق كبيرة اسماها العرب: "سوق التواصل الاجنماعي" وهو سوق كبير أنشأته "الفرنجة" لتسهيل الاتصال بين افرادها ومؤسساتها لتسهيل اتخاذ قراراتها...
ثم لما رأت (الفرنجة) ان اسواق الكلام العربية التي ذكرناها اعلاه تسببت باربعة حروب سمتها العرب حروب "الفجار الاربعة"، قررت اي الفرنجة، ان تسمح للاعراب باستخدام هذا السوق "سوق التواصل الاجنماعي" وعلمتهم ان "الآدمن" يمكن ان يحل محل "الامين" و "القاضي" في السوق القديمة، وان ما اسموه ال "نوتيفيكايشن" يمكن ان يحل محل " البرّاح " في اسواق الكلام الفديمة ، وأن الجميع يمكن ان يشتري ويبيع او يباع ويشترى ...وفقا لاختياره او اختيارها (حتى لا يغضب مني اهل الجندر).
وقد عمد علوج الفرنجة الى تقسيم هذه السوق الى عشائر وقبائل ليتعارفوا فمنهم: الفيسبوك ، والانستغرام، والواتساب، والتويتر ويتبعهم فخذ الاكس، ... وغيرها الكثير بألسنة كثيرة حول العالم.
وقام الفرنجة والاعراب بتسمية العالم الذي تعيش فيه جميع هذه القبائل والعشائر الكلامية: " العالم الافتراضي" .
وادعت جميعها ان هذا العالم الافتراضي " لا عُسَّاس و لا مُكَّاس " فيه وان لكل امرؤ ان يكتب او يرسم ما يشاء مجانا دونما خشية الا من الادمن ...
ولكن اؤلئك الفرنجة ما أن شاهدوا بام اعينهم اننا اكثر احترافا منهم في بيع الكلام باسواق الكلام ، واننا اكثر اشتغالا منهم في هذه السوق المترامية الاطراف حتى استعانوا بشيخ العُسَّاس واسمه "اللوغاريتمات" ونصبوا له قبة في السوق فلا تفوته شاردة ولا واردة الا واكتشفها واخرج صاحبها من السوق، إما بحرمانه تماما او جزئيا من الكلام.
اسواق الكلام في العالم الحديث:
ولضرورة اسواق الكلام اليوم لدى العرب العاربة والمتعربة أو المستعربة والبائدة في العالم الحفيفي الى جانب العالم الافتراضي فقد ابتدعنا اسواقا للكلام في عالمنا الحقيقي نبيع فيها ما نشاء من الكلام دون خوف او خجل او مانع او مراقبة من لوغاريمات او ادمنز ولا ملاحقة من جرائم الكترونية حيث نقول فيه ما نشاء تحت الحصانة ...
وجعلنا لهذه الاسواق مواسم كمواسم عكاظ وغيره من اسواق القدماء، ومنها:
1. سوق الكلمات في الموازنات:
وهذه سوق موسمية سنوية تبدأ في نهاية آخر شهر من السنة الميلادية او بداية اول شهر من ذات السنة، ويفتتح موسم هذه السوق " البرّاح" الذي يبيع كلاما عظيما كبيرا طويلا مصفوفا في خطاب ويطلب في نهايته سعرا لكلامه لا يقل عن مليارين من الدنانير ولو على سبيل الاقتراض والدين (الذي لا يتم سداده عادة)... ثم يقوم السماسرة بنصب قبة للحكم او لنائبه، ويبدؤون بالمزاودة والمزايدة في الكلام والكلمات لمدة شهر كامل يبيعون خلاله كلاما كثيرا جدا لا يجد له سوقا، وفي نهايته يشترون من البرّاح كلامه المنمق بمليارين دينار على سبيل الاقتراض... وتتكرر هذه السوق سنويا دون كلل او ملل بنفس النهج.
2. سوق الانتخابات للكلام
وهذه سوق موسمية ايضا يجنمع اليها الناس كل اربع سنوات في حلقات او دائرات يختلف عددها من موسم الى آخر حسب مزاج البرّاح الذي يصيح معلنا انعقاد السوق أو الامين وهو أصيل المنطقة التي سينتصب بها السوق. ... وهذه سوق عظيمة للكلام والبيع الشراء ... تبيع فيه السماسرة كلاما كبيرا في الحرب والسلم والاقتصاد والتجارة وتشتري اصواتا كثيرة عالية في الولاء والفداء والدعم والنصرة والانتصار...وهذه السوق للكلام اكثر قبولا عند المشترين والبائعين والسماسرة لانه يتم شراء الكثير من الحلوى التي يسمونها "كنافة" مجانا دون دفع نقود.
3. وحتى لا يطول الكلام ...فالامثلة على مثل هذه الاسواق الجديدة كثيرة لا يتسع المجال للحديث عنها وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- سوق الثقة والثقة ونصف للكلام وهي سوق موسمية ايضا.
- سوق الاصلاح والتحديث للكلام وهي سوق دائمة.
- وغيرها الكثييييير.....
نهاية الكلام
1. بتاريخ 16 نيسان 1946 تم تأسيس منظمة اللاجئين الدولية IRO للتعامل مع مشكلة اللاجئين العالمية في اوروبا تحديدا الناجمة عن الحرب العالمية الثانية وبتاريخ 31 كانون ثاني 1952 ورثت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR جميع مهام وواجبات منظمة اللاجئين الدولية التي تم اغلاقها.
2. بتاريخ 8 كانون اول 1949 وعلى الرغم من وجود ال IRO قامت الامم المنحدة بتأسيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى UNRWA الخاصة باللاجئين الفلسطينيين فقط.
السؤال القوي: لماذا؟؟؟
وهل كان من مصلحة القضية الفلسطينية اسنحداث الاونروا وتسجيل الفلسطينيين في منظمة اغاثة خاصة بهم؟؟؟
وهل القضاء على الاونروا اليوم كما تريد اسرائيل يصب بمصلحة القضية الفلسطينية ام ضد مصلحة القضية الفلسطينية؟؟؟
وبالنتيجة، الكلام في سوق الكلام مجاني والصمت من ذهب.