يوسف النصيري .. قصة (أسد الأطلس) من رحم المعاناة إلى بطل في قطر
نبأ الأردن-كتب منتخب المغرب اسمه في كتب التاريخ وفجر مفاجأة مدوية جديدة بالتأهل إلى قبل نهائي كأس العالم لكرة القدم، في إنجاز هو الأول من نوعه لمنتخب عربي أو أفريقي، بالفوز 1-صفر على البرتغال بطلة أوروبا السابقة في دور الثمانية في قطر اليوم السبت.
وسجل يوسف النصيري مهاجم المغرب هدف المباراة الوحيد بضربة رأس من مدى قريب بعد تمريرة عرضية من يحيى عطية الله في الدقيقة 42.
وارتقى النصيري بشكل أعلى من روبن دياز مدافع البرتغال والحارس ديوغو كوستا وسجل برأسه من مدى قريب، ليشعل احتفالات المشجعين المتحمسين في استاد الثمامة.
وبعد الهدف الرائع، الذي لامس رقما قياسيا للنجم كريستيانو رونالدو، نشر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، قصة اللاعب المغربي، يوسف النصيري، ورصد رحلة المهاجم المغربي الذي أصبح بطل المنتخب.
النصيري أصبح أول لاعب مغربي يسجل في نسختين من كأس العالم، وسجل المهاجم هدف الفوز الوحيد على البرتغال في ربع نهائي قطر 2022.
ودخل يوسف النصيري مهاجم المغرب التاريخ مرتين خلال كأس العالم في قطر، الأولى حين سجل أمام كندا وأصبح أول لاعب مغربي يسجل في نسختين مختلفتين من أم البطولات، والثانية حين قاد أسود الأطلس إلى نصف النهائي بهدفه في مرمى البرتغال.
النصيري رفع رصيده من الأهداف في تاريخ كأس العالم إلى ثلاثة، ومازال لديه مباراتين على الأقل، نصف النهائي والنهائي أو تحديد المركز الثالث، مما يعني أن العدد قابل للزيادة، ولكن ذلك ليس إلا محطة في رحلة بدأت منذ سنوات من رحم المعاناة وستتواصل لأخرى مقبلة، بحسب الفيفا.
** البداية
اللاعب المولود في الأول من يونيو 1997 لم ينشأ في أحد مراكز تكوين الشباب في أوروبا، بل هو إنتاج محلي خالص في المغرب، بدأ مسيرته في شوارع وحواري مدينته فاس لينضم بعدها إلى نادي المغرب الفاسي وبعدها خلال موسم 2010-2011 إلى أكاديمية محمد السادس لكرة القدم المختصة باكتشاف المواهب وتطويرها وتسهيل انتقالها إلى أوروبا.
كان المدرب المغربي الفرنسي، ناصر لاركيت، هو المشرف الفني على الأكاديمية منذ افتتحت عام 2009 حتى رحل عام 2014 للعمل من جديد في فرنسا، وقد زامل النصيري خلال تواجده هناك عدد من اللاعبين أبرزهم حمزة منديل وأنس نوادر.
** الرحيل إلى أوروبا
استمر النصيري في أكاديمية محمد الفاتح حتى عام 2015، حين التقطته عيون كشافة نادي ملقا الإسباني وتعاقدوا معه بالإعارة لموسم واحد قبل أن يتحول العقد إلى انتقال نهائي الصيف التالي مقابل 125 ألف يورو (131 ألف دولار). قضى اللاعب موسمه الأول مع الفريق الرديف وفي موسم 2016-2017 صعد إلى الفريق الأول للعمل تحت قيادة المدرب ميشال نجم ريال مدريد السابق.
لعب النصيري مع ملقة 41 مباراة رسمية في جميع البطولات لم يسجل فيها سوى خمسة أهداف، وقد اختار الرحيل عنه عند هبوطه إلى دوري الدرجة الثانية في إسبانيا بنهاية موسم 2017-2018.
الخطوة الأهم انضم المهاجم الشاب إلى ليغانيس صيف 2018 مقابل عشرة ملايين يورو (10.5 مليون دولار)، ليصبح بذلك أغلى صفقة في تاريخ النادي وكذلك بين مواطنيه المغاربة.
البداية لم تكن جيدة أبدا، لكن النصف الثاني من الموسم الأول شهد انقلابا في الأحداث بإحرازه 11 هدفا خلال 34 مباراة.
وفي الموسم الثاني لعب 18 مباراة في الدوري الإسباني سجل خلالها أربعة أهداف وصنع هدفين، وفي يناير كانت نهاية الرحلة مع ليغانيس.
** اللعب مع الكبار
تألق النصيري الملفت، وصُغر عمره دفع إشبيلية للاستثمار به، وقد دفع النادي 20 مليون يورو (21 مليون دولار) للحصول على خدماته في يناير 2020.
ظفر اللاعب المغربي بأول لقب في مسيرته حين توج بنهاية موسم 2019-2020 بالدوري الأوروبي وقد ساهم في الإنجاز بإحراز هدفين، ومعهما سجل أربعة أهداف في 18 مباراة من الدوري الإسباني.
المهاجم صاحب القدرات الرائعة داخل منطقة الجزاء، سواء على الأرض أو في الهواء، لعب حتى الآن 122 مباراة مع الفريق الأندلسي في جميع البطولات، سجل خلالها 37 هدفا وصنع ثلاثة أهداف.
النصيري سبق وتحدث عن مسيرته الرائعة تلك مع الأندية مشيرا إلى أنها لم تمر دون مشاكل وعراقيل، حيث كتب عبر إنستغرام "أن تحقق أشياء جيدة في حياتك أمر جميل، لكن أن تحققه متجاوزا جميع أنواع العراقيل يجعله أجمل. فخور ببداياتي الأولى و بما أنا عليه اليوم. سأواصل العمل لكي أسعد الأشخاص الذين لم يبخلوا علي بثقتهم في إمكانياتي. لا تترك شيئا ولا أحدا يحبط عزيمتك في طريقك لمستقبل أفضل. العمل الجاد، الاستمرار، التواضع والالتزام بالواجبات (…) ليس هناك طريق آخر".
** أسد لا يتوقف
بدأ النصيري مسيرته مع المنتخب بالظهور أمام ألبانيا وديا تحت قيادة المدرب، هيرفي رونار، بعدها تمت دعوته لتمثيل أسود الأطلس في كأس أمم أفريقيا 2017 وسجل خلالها هدفا ضد توغو.
ساعده الحظ ليتواجد مع المغرب في كأس العالم روسيا 2018 بعدما أضيف للقائمة بدلا عن المدافع، بدر بانون، وقد استغل الفرصة جيدا وسجل هدفا في مرمى إسبانيا في المباراة الأخيرة من دور المجموعات.
منذ بدأ مسيرته الدولية، لعب النصيري 54 مباراة مع المغرب سجل بها 16 هدفا آخرها كان أثمنها لأنه منح المغرب بطاقة العبور إلى نصف نهائي كأس العالم في قطر.
** انطلاقة جديدة
لا يمر موسم النصيري الحالي في إشبيلية جيدا، إذ لم يسجل سوى هدفين كانا في دوري أبطال أوروبا، وقد فتح ذلك باب النقاش حول جدوى تواجده أساسيا مع أسود الأطلس في العرس القطري.
المدرب وليد الركراكي، دافع عن مهاجمه كثيرا وأكد أنه المهاجم الأساسي ويبدو أن تلك الكلمات كان لها وقع السحر على اللاعب الذي استعاد الكثير من مستواه ونجح في إحراز هدفين خلال البطولة لعبا دورا حاسما في إنجاز الوصول إلى نصف النهائي.
قال المدرب الوطني "لا يقدّر موهبة النصيري إلا مدربون أمثالي، إنه موهبة ولاعب من طراز عالمي ينفذ ما أطلبه منه، لذلك حافظ على مركزه الأساسي ليس معي فحسب بل مع من سبقني من مدربين، إنه لاعب لا غنى عن خدماته في التشكيلة".
وبعد مستواه المميز في البطولة، عاد المدرب وأشاد به بقوله عند سؤاله عن تألق سفيان أمرابط وسليم أملاح "كل لاعب له دوره في الفريق، هناك من يضحون كثيرا وأود هنا الحديث عن النصيري الذي يقوم بجهد رائع ولا يعرف قيمته سوى أمثالي".
هذا المستوى المميز قد يكون نقطة انطلاق جديدة لصاحب الـ25 عاما، سواء مع ناديه إشبيلية أو أي ناد آخر قد ينضم له في سوق الانتقالات الشتوي المقبل.
وسيلعب المغرب، الذي كان يشارك في دور الثمانية لكأس العالم لأول مرة في تاريخه، في الدور قبل النهائي أمام فرنسا حاملة اللقب.
وفي المباراة الأخرى بقبل النهائي ستلعب الأرجنتين ضد كرواتيا.