عريب الرنتاوي يكتب : الأسد في أبوظبي.. ماذا بعد؟

{title}
نبأ الأردن -

هي ”أم المفاجآت“ في العلاقات العربية البينية في الآونة الأخيرة..
الأسد في الإمارات، في زيارة هي الأولى لبلد عربي منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أحد عشر عاماً، تأتي في ذروة احتدام ”صراع الأقطاب“ في أوكرانيا وعليها وعلى ”النظام العالمي الجديد“، وعلى مبعدة أيام من التوقيع في فيينا على الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي، كما ترجح مصادر مختلفة.
المراقبون حاروا في فهم دوافع الزيارة وأهدافها، منهم مَن رأى فيها امتداداً لخط إماراتي انفتاحي على سوريا، يعود لبضع سنوات خلت، ومنهم مَن قال إنها ”منسقة“ مع واشنطن، مع أن الأخيرة عبرت عن ”خيبتها“ وقلقها“ من الزيارة، وسبق لها أن حثّت جميع الدول على الإحجام عن تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد.
وثمة فريق ثالث رأى فيها، خطوة في سياق استراتيجية ”إعادة التموضع“ التي تجريها أبوظبي، لاستئناف أو تطوير علاقاتها مع أطراف إقليمية ودولية فاعلة، مثل إيران، وتركيا، وروسيا، والصين، إلى جانب علاقاتها مع حلفائها التقليديين في الغرب والإقليم.
الإماراتيون وضعوا الزيارة في سياقين اثنين: الأول؛ سياسي-استراتيجي، ويتصل بالأمن الإقليمي وتعزيز الدور العربي في سوريا، والثاني؛ اقتصادي، ويدور حول الحاجة لتوسيع نافذة الفرص المتاحة لتطوير التبادلات بين البلدين في شتى المجالات.
أما السوريون، فقد نظروا للزيارة بوصفها إيذاناً رسمياً بقرب تكسير أطواق العزلة الاقتصادية والدبلوماسية التي فرضت على بلادهم لعقد من السنين.
يصعب من الآن، التكهن بنتائج هذه الزيارة وتداعياتها على المدى الأبعد، وكيف يمكن أن تنعكس على جملة من الملفات، من بينها عودة سوريا للجامعة العربية، وهي القضية التي ما زالت تلقى رفضاً من قبل الرياض والدوحة.
كما يصعب التكهن بالكيفية التي ستتصرف بها واشنطن، وهي ترى تآكل خطوطها الحمراء المضروبة حول نظام الأسد، وما هي التطبيقات العملية للزيارة، في ظل استمساك واشنطن بـ“قانون قيصر“، وعودة الاتحاد الأوروبي قبل أيام، للتأكيد على شروطه للتطبيع مع سوريا، ورفع الفيتو عن إعادة إعمارها.
لكن المؤكد أن الزيارة، شكلت خرقاً في جدران العزلة المضروبة حول دمشق وقيادتها، والمرجح أنها دفعت بملف عودة سوريا للجامعة العربية خطوة للأمام، سيما وأن غالبية الدول الأعضاء، لا تمانع مشاركة سوريا في قمة الجزائر العربية المقررة في نوفمبر القادم، وفقاً لحصيلة توصلت إليها القيادة الجزائرية في أعقاب جولات موفديها في عواصم هذه الدول.
من جهتنا، نرى أن الزيارة، قد تكون وفرت للدبلوماسية الإماراتية فرصاً للقيام بأدوار فاعلة على مسارات ثلاثة:
الأول؛ بين سوريا وإسرائيل، فالإمارات تحتفظ بعلاقات وطيدة مع الطرفين، وفي ظني أنها الأوفر حظاً للعب دور ”الوسيط“ لاستئناف المفاوضات على المسار السوري – الإسرائيلي، وهي عودة لا يريدها يمين إسرائيل المتطرف، وسترحب بها سوريا، إن لم يكن لاستعادة الجولان، فأقله لـ“ترطيب“ علاقاتها بالغرب.
الثاني؛ بين سوريا وتركيا، سيما بعد الانفراجة الكبرى في علاقات أبوظبي مع أنقرة مؤخراً، وفي ظني هنا أيضاً، أن الإمارات ربما تكون الأوفر حظاً لحلحلة العقد في علاقات سوريا مع جارتها الشمالية، وهو أمر قد يجد أذنا صاغية لدى تركيا التي أثقلت حروبها كاهل اقتصاداتها، وقد يقابل بترحيب من سوريا التي تدرك أن استعادتها لشمالها الخاضع للسيطرة التركية، لن يتم بوسائل عسكرية، بل بمبادرات وحلول دبلوماسية.
والثالث؛ بين سوريا وأكرادها، فطريق دمشق – القامشلي ليست سالكة في الاتجاهين، والوساطة الروسية تعثرت بسبب ”الفيتو“ الأمريكي المتكرر في وجه المصالحة، وأبو ظبي نسجت علاقات وثيقة مع أكراد سوريا خلال عشرية الأزمة، وفي ظني أنها قادرة على توظيفها لإنجاز مصالحة منتظرة بين الطرفين.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير