ماجد الخواجا يكتب: وجع السؤال وهوان الإجابة عند ديوان الخدمة المدنية
سؤال سريع لعطوفة رئيس ديوان الخدمة سامح الناصر : ظهر لي في شاهد ذكرياتك على الفيس بوك أنك في مثل هذا اليوم من عام 2019 كنت في جولات في المحافظات ..
فقط هو سؤال واحد: بالله عليك ماذا سمعت هناك وبماذا وعدت وهل وفيت ؟
فيما كنت أقود المركبة صباحا جاء اتصال صباحي عبر احدى الإذاعات ليخرج صوت إمرأة تبكي وهي تتساءل عن العدالة في التعيين الوظيفي. لن أخوض في تفاصيل ما تحدثت به السيدة، لكن استوقفني تساؤل مرير لها : كيف يتم تعيين ثلاثة أو أربعة أفراد من نفس العائلة، فيما هناك من رقم الدور له في الديوان الأول أو الثاني منذ أكثر من 15 عاما ولم يتم تعيينه وأصبح عمره 44 سنة على أمل الحصول على وظيفة.
حقا كيف يتم تعيين أفراد عائلة بأكملها يا رئيس ديوان الخدمة المدنية فيما مئات الآلاف يتم تخزينهم وتكديسهم في أقبية حواسيب الديوان كونهم من ذوي التخصصات المشبعة والراكدة وغير المطلوبة حسب تصنيفات ديوان الخدمة المدنية.
عندما تم طلب رئيس الديوان للحديث الإذاعي أجاب أن هناك لجنة تنظر في الحالات الإنسانية وأنها تنعقد لغايات إعطاء تلك الحالات الأولوية في التعيين، لم يقل صراحة أن كل مخزون الديوان في المجمل عبارة عن حالات إنسانية.
إن ديوان الخدمة المدنية أصبح يشكل بؤرة توتر حقيقية في الدولة، فهو لم يعد صاحب قرار في التوظيف، ولم يعد يمتلك الوظائف، وتلاعب في نظامه وتعليماته كثيرا من الحكومات والوزراء بحجة تطوير الأداء والترشيق ووضع الرؤى والخطط ، وهي كلها كانت مجرد توصيفات تلاعبت في حقوق وواجبات الموظفين سواء من هم على رأس عملهم أو من هم من المحظيين السعداء الذين يتم تعيينهم، أو من هم على مشارف التقاعد، فما بين موظف يتعين اليوم وموظف تعين بالأمس قد تختلف المزايا والدرجات ووسائل الترقية وأدوات التقييم. وما بين متقاعد اليوم ومتقاعد غدا، قد تختلف الدرجة التي يحال عليها الموظف ويختلف الراتب التقاعدي بينهما برغم أنهما متساويان وظيفيا كل شيء .
حتى حبانا الله بوزير قام بفتح نظام الخدمة المدنية أكثر من مرة تعديلا وحذفا وإضافة تحت ذرائع ترشيق العمل العام والتعيين حسب الجدارة والكفاءة والتقليل من الفوائض والبطالة المقنعة وتطوير أداء وتقييم الموظفين، ليبدأ بالترشيق الفعلي هو ذاته عندما أوعز بتعيين فتاة براتب مستشار وبعقد كامل العلاوات، وعلى أنها تحمل درجة الدكتوراه، حيث تم التعيين في مكتب الوزير ولم تمر السيدة مجرد مرور على الديوان، ولم تزود الديوان بالوثائق المطلوبة للتعيين، ليكتشف صاحب المعالي بعد يوم من التعيين الخارق والعابر لكل التعليمات أن السيدة لا تحمل غير شهادة الثانوية وأن الدكتوراه فخرية كآلاف الشهادات الفخرية في البلد، وبدأت المحاولات للتخلص من هذه الجريمة الإدارية التي جاءت بتسرع ورعونة يتم تفسيرها عادة بأنها قرارات خارج التعليمات، ولم يكن من حل إلا أن تقدم الفتاة استقالتها من أجل لملمة الفضيحة الإدارية. ولولا أن الفتاة وافقت على هذا الحل لوجد السيد صاحب المعالي أنه في ورطة إدارية حقيقية.
لقد فقد ديوان الخدمة مبررات وجوده الأساسية والتي تقوم على المفاضلة والتعيين وتطوير الأداء الوظيفي وتقييمه ومتابعة العمل العام بما يضمن حسن سير عملياته وتفاصيله ضمن المعايير الإدارية المتبعة. فهو تم استنزافه وتعريته من الصلاحيات، وأصبح مجرد وحدة توثيق إحصائية وأرقام وبيانات ومعطيات لا تغني ولا تسمن من جوع.
إن الأسس التي يفترض أن يتم التعيين بموجبها للوظائف القيادية العليا، هي التي تم ويتم تجاوزها عبر ما تدعى باللجنة الوزارية المشكلة داخل الحكومة، وكم ظهرت احتجاجات ممن تقدموا لتلك الوظائف لكن لم يحظوا بها مع أنهم حصدوا نقاط الوظيفة وتلبية متطلباتها ومعاييرها بالكامل.
لماذا تخلى ديوان الخدمة عن أدواره بشكل مفجع، لماذا لا يوجد للديوان رأي عند إحالة موظف للتقاعد دون أن تنطبق عليه شروط التقاعد أو الاستيداع، وترك ذلك لمزاج ورغبة وسلطة الوزير أو المدير المسؤول.
1- لماذا لم يستطع ديوان الخدمة المدنية من الإجابة على عديد من الأسئلة الوطنية المتعلقة بأعماله، كيف تكون الإجابة على سؤال لماذا يتقاضى موظف راتبا لا يتجاوز 500 دينار في دائرة حكومية تقليدية، فيما زميله المكافئ له بالتخصص والوظيفة والدرجة لكنه يعين في هيئة أو مؤسسة مستقلة فيتقاضى 3000 دينار؟
2- لماذا يصل بعض الموظفين إلى الدرجة الخاصة في الوظيفة وهم لم يكملوا 20 عاما من الوظيفة، فيما زملائهم بنفس الوضعية الوظيفية يكونوا في الدرجة الثانية؟
3- لماذا يتم شغر عديد من مواقع الإدارة العليا التفافا من خلال مفهوم العمل بالوكالة وصلا إلى التثبيت لهذا المحظي؟
4- لماذا يتم ابتعاث موظفين بعينهم عشرات المرات خارج الأردن في دورات أو جولات وصولات، فيما يمضي زملائهم العمر الوظيفي دون أن يحصلوا على جولة واحدة ؟
5- لماذا يتم تعيين من انتهت خدمته الوظيفية في دائرة ما كمستشار بعقد شامل وبدون أي مسمى أحيانا كثيرة؟
6- لماذا هذا الانتهاك الصارخ للموظف العام وعدم الثقة به والتلاعب في مصيره وحقوقه وامتيازاته عبر التعديلات المتتابعة والمتناقضة والتي وصلت حد التندر والطرافة اللا إدارية،
7- من يستطيع أن يفهمنا لماذا تكون الدعوة لتشجيع التقاعد المبكر أو قبل نهاية المدة بحجة ضخ دماء شابة وجديدة، ثم يخرج قرار بتشجيع تمديد الخدمة لمن أنهوا المدة بذريعة الحاجة غلى خبراتهم وعدم تفريغ الإدارات من الكفاءات.
8- هل يستطيع ديوان الخدمة الرد وإقناع البشر لماذا بعد إجراء المقابلات لشاغر أمين عام في وزارة من قبل اللجنة الوزارية المختصة ولم يتم اختيار أي واحد من المتقدمين، لكن تم ( تعيين) أمين عام من طرف الحكومة للشاغر.
9- لماذا من سيتم تعيينهم يكتشف ديوان الخدمة أن أرقام هواتفهم قد تغيرت كما ورد في خبر منه اليوم؟
إنني أرثي للحالة المستعصية التي وصلت إليها الإدارة العامة في الأردن نتيجة عدم وجود سياسة واضحة وعادلة ونزيهة وصارمة من حيث التعيين والترقية والتقاعد والتطوير.

























