ماجد الخواجا يكتب: نواب مطالب وفزعات

{title}
نبأ الأردن -

لا أعرف شخصيا غالبية نواب المجلس الحالي، لكن طالما أصبحوا يحتلون مقاعده المجلس، فهم امتلكوا صفة التمثيل عن الشعب من أجل الشعب، وهم بحسب الفهم النيابي الأصيل والمعروف يفترض أنه مناط بهم دورين أو وظيفتين رئيستين هما : الدور التشريعي المتمثل بدراسة ومناقشة القوانين وإقرارها، والدور الرقابي المتمثل بمساءلة الحكومة عن أعمالها من خلال الأسئلة النيابية أو المناقشة أو الاستيضاح أو الإستجواب وصولا إلى طرح الثقة بالحكومة.
لست متابعا جيدا لأعمال وجلسات المجلس في هذه الدورة، لكن أجد نفسي مقحما لمشاهدة بعض ما يخرج عن المجلس من مشاهد قصيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي غالبيتها تكون من الطرافة ولأجل التندر، حتى أصبح لدينا نائبا أو أكثر يمكن تسميتهم بنجوم التريندات من خلال بعض الممارسات أو التصريحات التي أصبحوا يتقنون أساليب وفنون التمثيل عند وقوفهم خلف الكاميرا.
ليس متوقعا بأن يكون أداء ومشهد مجلس النواب أفضل مما هو عليه الآن، وهذا عائد بالدرجة الأولى لقانون الانتخاب وطبيعة تقسيم الدوائر الانتخابية وهي التي تفرز لنا أشخاصا لا يمثل الواحد منهم أكثر من قرية ضمن لواء، أو عائلة ضمن عشيرة ، أو حي ضمن مدينة، ليصل الواحد منهم للمجلس مثقلا بتبعات ما يدعى بفوزه في الانتخابات، وينشغل طيلة مدة الدورة في محاولات كسب رضى الناخبين الفرعيين على أمل تجديد التصويت له في الدورة القادمة.
لا يتوقع من مجلس جاء أعضاؤه بجهودهم الفردية او العائلية أو المالية أو الجهوية، أن يعطي شكلا غير الشكل الحالي، ولا يمكن لحكومة أن تستطيع الرد على كافة أسئلة واقتراحات وتوصيات النواب بهذا الشكل الفردي، ناهيك عن تحقيق مطالبهم العائلية أو القروية أو الجهوية أو الفردية.
إن الحكومة تتحمل عبئا لا طاقة لها به بسبب انها مضطرة للتعامل مع كل نائب على حدة، فالوزير قد يستنفذ وقت العمل لمجرد إنهاء المقابلات للنواب الذين يحمل كل واحد مطالب معينة.
أيضا فإن النائب الذي وصل للمجلس بالطرق الواردة أعلاه، ليس مطلوبا منه أن يكون نائب وطن، ونائب تشريع ونائب رقابة ونائب مطالب وخدمات. لهذا يذهب غالبيتهم إلى الحل الأسهل ألا وهو أن يصبح نائب مطالب وخدمات وصوت عبر الميكروفونات.
ربما لو تم دراسة وتحليل طبيعة اللقاءات والأشخاص الذين يراجعون النائب، فلن نستغرب أن كل تلك اللقاءات لا تتعدى مطالب تعيينات وخدمات بلدية من قبيل فتح شارع ونصب عمود كهرباء وتوصيل مياه ونقل موظف وتعيين مراسل، ولن نجد أية دلالة تؤشر على أن جزءا من اللقاءات كانت للحديث في شؤون الوطن أو في محاسبة الحكومة أو في مصلحة عليا عامة.
ما دعاني لهذا الحديث أنني شاهدت نائبا يهاجم بشراسة وزيرا بذريعة أنه قام بنقل موظفة من مكان إلى آخر، وقبله كان هناك نائب هاجم وزيرا بألفاظ دون الشعبية زاعما أنه يدافع عن بقاء موظف بمستوى عال في منصبه. وشاهدنا نائبا يقتحم مصنعا بذريعة أنه يريد تعيين أبناء منطقته في مستويات إدارية أعلى.
كنت سأرفع القبعة احتراما وتقديرا لهم ولممارساتهم لو أن النائب تحدث ودافع عن قضية خارج إطار القرابة والعلاقة الدموية والعائلية. مع أنني لا أطلب من أي نائب هذا المستوى من الأداء والممارسة النيابية التي ترفعه ليكون نائب وطن في ظل قانون انتخاب رديء جهوي فرعي معروفة مخرجاته سلفا.
إن النائب في صورته الحالية يقدم مشهدا بائسا وضعيفا لا يعبر عن مكانة ومستوى التمثيل الشعبي الحقيقي. فلو كان النائب قد تم انتخابه حزبيا قبل أن يتم انتخابه بسبب خدماته الشخصية أو علاقاته أو بسبب جمال صوره التي ملأت الشوارع. حينها سيكون المشهد للنائب مشهدا وطنيا بامتياز، ولن يكون مضطرا لتبعات تقديم خدمات شخصية وعائلية ومطلبية من أجل ضمان مقعده.
إنني أرثي للحكومات حالها ، فهي تكابر في سبيل تحقيق أجنداتها وخططها، وهي مضطرة للتعامل مع 130 نائب وكأنها تتعامل مع 130 مجلس نيابي.
كما أرثي للنواب حالهم فهم مضطرون ليكونوا نواب خدمات ومطالب، وحل مشاكل والمشاركة في كافة المناسبات الاجتماعية التي لا تنتهي، والسعي لرضى الصغير قبل الكبير ضمن دائرة الولاء الفرعية الأضيق من أجل كسب رضاها عنه.
قبل أن أنهي أقول : لن يكون لدينا مجلس نيابي حقيقي يستطيع أن يجعل الحكومة تتصبب عرقا عند استجوابها ومساءلتها، إلا حين يصبح المجلس باللون الحزبي القوي والمعبر عن الوطن والشعب بشكل فعال.
بغير ذلك فإن أجمل ما في المجلس وجلساته هي تلك القفشات والمداعبات التي نستمتع بمشاهدتها عبر التريندات الخاصة بهم.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير