عائشة الخواجا الرازم تكتب..حيا الله أبطال الدفاع المدني

{title}
نبأ الأردن -

قبل فترة وجيزة من الزمن في أيام ممطرة ، كنت أزور متجرا للسجاد في صويلح وبعد إنجاز مهمة المحاسبة أصر التاجر على تقديم القهوة لي ، وفعلاً جلست وأمامي أحد المطاعم وكأني أتأمل المدخنة المرتفعة حتى الطابق الرابع تأملت أكثر وبعمق واستغراب ، وشد نظري اللون الأحمر الفاقع للدخان المتصاعد منها ... فأدركت بعد يقظة عقلي أن الدخان لا يمكن أن يكون لهبا وأن تأملي للمدخنة والسماء تمطر لم يكن أبدا رومانسيا ..وصرخت فجأة : العمارة نار ... العمارة تحترق ...ونهضت لأنطلق خارج المتجر ، وصوابي مفقود !





لحقني التاجر وهو يحاول الحصول على قول مفيد مني .لم أتمكن من قول شيء سوى : الدفاع المدني ... الدفاع ...أرجوك الدفاع المدني .وكل أصابعي تعزف مرتعشة الرقم 199.





في الواقع أن النفس البشرية أقوى من الإنتظار والسؤال في حالة استشعار الخطر ، فكيف إذا أحاط الخطر والحريق بمكان لا بد فيه أناس .وخاصة حينما تأكدت أنني أرى مطعما في الطوابق الأرضيه ، لكن اللهب ابتدأ يتصاعد من السطح من قلب المدخنة بأجنحة أعلى .





بدأت أهيب بالمحال المجاورة وألفت أنظارهم للعمارة المقابلة ذات المطعم ، وقد نجحت في سيل خوف تملكني لثوان أجابني الدفاع .





العنوان ؟ وما أن وصلت آخر الشارع أهيب بالمتاجر من عندهم أن يكثفوا الاتصال بالنجدة وبالأمن وبالدفاع وبجيران ومجاوري العمارة. حتى بدأت أشاهد أناسا من ضمنهم أطفال ، يخلعون قمصانهم ويلوحون بها ، وشاهدت صدورا عارية يحمل أصحابها ملابسهم ويلوحون دون أن تصلني أصواتهم .





المتاجر المجاورة في نفس شارع منجر السجاد يلهثون ويقطعون الطريق ركضا باتجاه العمارة الحاضنة للدخان الملتهب .





فجأة كان الشارع يكتظ بفاعلي التضحيات والعون والإنقاذ .





ويدي تقبض على الهاتف : ألو ... الدفاع المدني يا خوي تأخرتوا يا خوي !





الناس والأطفال على سطح العمارة يلوحون بملابسهم .





يقول : على راسي أختي ، الشباب وصلوا اطمئني ، ربنا لطيف بعباده يا أختي .





زمجرت النار في الشرفة رأيتها بأم عيني ، فكاد قلبي يتحول إلى نهر عذب يجر مياه السماء ورعد النبض وبرق الانتظار والدعاء .





التاجر غاب مع بقية التجار إلى الواجهة المقابلة التي تمور في عمارتها أدخنة الشفق الحامي .





كنت أعتقد أن نوافير المياه المتصاعدة من رافعات حمراء لأعلى البناية واختطاف الناس وإنزالهم هي نبضات قلبي ، ولكنني أدركت أن الدفاع قد وصل منذ ارتجف إصبعي على شاشة الموبايل .





فتحت عيني جيدا وإذ باللهيب يبدا بالتلاشي ويظهر رأس المدخنة مرحبا بزوامير الآليات الثلاث والرافعات والإسعاف.





جلست على حجر مقطوع من شجرة الرصيف ، أدعو الله السلامة لأهل هذا الوطن ولأبطال التضحيات .





شاهدت الشباب أبطال الدفاع المدني يقفزون من الرافعات داخل البلكونات وسط الدخان المزمجر الكثيف ، فيعود من الداخل بطل الدفاع المدني الفتي يعتل على ظهره وكتفيه ولدين وقد تلونت وجوههم بالسناج والناس في أسفل العمارة تصفق ، وتصرخ مهللة غير مصدقة : حي الله يا أبطال !!





حي الله يا أبطال الدفاع


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير