النائب ذياب المساعيد يكتب : عن الإصلاح
في الاشهر الاخيرة الماضية وجه جلالة الملك لعملية إصلاح شامل في بنية الدولة بعد ولوجها مئويتها الثانيه وهو استشعار ملكي بأن التغيير واصلاح (الحال) أصبح ضرورة حتمية لا بد منها .
لن أتحدث عن المسارين السياسي والاداري_ حيث ضجيج الاصوات والأطياف والأحلام _ فاحداهما تحاول نخب اختطافه كل لما يريد ،واخر محكوم بمنظومة محسوبية وشللية ومناطقيه محكمة اودت بنا إلى هذا الحال المتردي.
سيكون الكلام عن الإصلاح الاقتصادي وهو المهم والاهم والذي يجب أن تسخر له كل إمكانيات الدولة لاحداث انفراجة فيه علها تستوعب أفواج البطالة وجيوب الفقر وحاجات المجتمع.
فالبطالة وهي الخطر القائم والقادم، والذي ينخر في بنيان المجتمع والدولة ومنظومة القيم والولاء والانتماء، لا تنظر له نسبا محسنه،بل انظر الي هول الاعداد المتقدمة على الروابط الإلكترونية عند كل إعلان لتجنيد أو طلب وظيفة في ديوان الخدمة المدنية، حتى قيل إن الأعداد وصلت في اخر اعلان لأكثر من مليون متقدم ،فالرقم صادم والواقع مؤلم ، ومن يهون من هذا الأمر فليقرأ التاريخ ويأخذ العبر منه.
عندما استقال الدكتور معين القطامين من منصبه وزيرا للعمل قال إنه قد( فات الفوت) ثم قال قبل أيام في مقابلة تلفزيونية كلمة تستحق التوقف ( أن الانهيار الاقتصادي قادم)، ولا أظنه يهرف بما لا يعرف فالرجل متخصص فيما يقول ، ويجب أن ينظر لكلامه على محمل الجد.
فالمشهد الذي يفرضه واقع اقتصادنا يجب أن نقرأه بالارقام لنعرف إلى اين نسير وما المطلوب منا لتفادي ما نخاف ونخشى: فنسبة البطالة المعلنة ٢٥٪ وعدد الباحثين عن عمل في ديوان الخدمة المدنية يزيد عن نصف مليون، وعدد الداخلين إلى سوق العمل سنويا حوالي مئة ألف بينما استيعاب السوق للتوظيف والتشغيل لا تزيد عن ثلاثين الف، اي ان البطالة في تصاعد مستمر وترتفع معها معدلات الفقر ومشاعر القهر والاحتقان.
ومن الموازنة أيضا نرى أن المديونية وصلت حوالي خمسين مليار دولار ، والعجز ٢,٤ مليار دينار ، وفوائد الدين ١,٥ مليار دينار، والاتفاق الرأسمالي متواضع ونسبة النمو لا تحقق شيئا لمواجهة كل ذلك.
واذا ما اضفنا لذلك تدني الأجور والرواتب والتي معظمها تحت خط الفقر، وارتفاع الاسعار، وتآكل القوة الشرائية للدينار ،وارتفاع نسب الفقر.
عندها تكتمل الصورة ، فالواقع واضح للعيان مر ومؤلم ومتهالك وان بقينا بنفس العقلية والتفكير وإدارة (يوم بيوم) فسيقودنا هذا الواقع لما هو أسوأ وأسوأ، فالواقع الاقتصادي والمعيشي بحاجة لاصلاح فوري وعاجل.
ومن يضع جانحة كورونا حجة لتراجع الأداء الاقتصادي, فلينظر لبعض الاقتصاديات المجاورة كيف حققت نسب نمو مرتفعه مثل الاقتصاد المصري والاقتصاد السعودي والتي حققت نسب نمو فوق ٤٪ لعام ٢٠٢١.
الحل يكمن في الاستثمار جذبه وتوطينه وعدم تنفيره،هل تعلم الحكومة حجم الاستثمارات الاردنيه في المملكة العربية السعودية(٦٤٤ شركة أردنية تستثمر ٢٢ مليار ريال سعودي) وهل سالت الحكومة نفسها لماذا لا يكون هذا الاستثمار في السوق الأردنية ؟ اين الفريق الاقتصادي واين سفاراتنا من الترويج للفرص الاستثمارية في المملكة؟ لماذا نترك البيروقراطية ومصالح البعض تتغول على مصلحة دولة ومجتمع؟ لماذا لا نستثمر موقعنا الجيوسياسي بالشكل الامثل؟ لماذا لا نطبق سياسة إحلال العامل الاردني محل العمالة الوافدة؟ لماذا يتم فتح باب التشغيل للاجئين السوريين بينما ابنائنا يشكون البطالة؟
اعلم كما يعلم غيري أن الكلام سهل،وان الانتقاد ربما اسهل ،وان المعطيات صعبة والامكانيات متواضعة ،ولكن هل نستسلم للواقع ونتركه يذهب بنا للمجهول ام نعمل جميعا لإنقاذ أنفسنا ومستقبلنا.
النائب ذياب المساعيد

























