عجوز.. فيلم يختصر حياة كاملة في يوم واحد
نبأ الأردن- يقدم الفيلم الأمريكي ”عجوز/Old“، الصادر أواخر شهر يوليو الماضي، حبكة تشويقية مفعمة بالخطر تختصر الحياة بأكملها في يوم واحد. ويسلط الفيلم الضوء على سيرة حياة عائلة أمريكية تقرر قضاء إجازة صيفية في إحدى الجزر الاستوائية عل شاطئ معزول. إلا أن الرحلة العائلية تشوبها أحداث غريبة وسط قوى غامضة تجعل زوار الجزيرة يقفزون بالزمن كل نصف ساعة، ليتقدم بهم العمر بشكل متسارع. وأمام تلك الفجوة الزمنية يقتصر عداد عمر الفرد على يوم واحد، ما يثير هلع العائلة، ليدفعهم الفضول إلى البحث عن سر الجزيرة الغامضة.
وبأسلوب بسيط قائم على التسلسل المنطقي للحدث، نشهد بداية السيناريو لتتوسطه ذروة قائمة على حبكة تشويقية، ثم ينخفض المسار تدريجيا بالاقتراب من النهاية، في سرد تقليدي واضح دون تشعب أو غموض. ويتطرق العمل إلى تفاصيل انطلاق الرحلة والتحضيرات، لننتقل إلى شاطئ معزول ساحر، لتجتمع العائلة مع عائلات أخرى غرضها الاستجمام، وتتباطأ الكاميرا تدريجيا، ما يوحي بمراقبة الأجواء الصامتة كهدوء ما قبل هبوب العاصفة. وتتصاعد الأحداث مع صراخ أحد الأطفال، الذي ينبه الجموع إلى اكتشافه لجثة فتاة عارية عائمة على سطح البحر، وتتتالى الأحداث الغريبة والمفزعة، مع تصاعد حركة الكاميرا، والموسيقى التصويرية.
ويتجمع الناس حول جثة الفتاة الملقاة على الشاطئ محاولين تجميع الخيوط حول غموض ما يجري، لترتفع حدة الارتياب مع حضور شاب يحمل ملامح خطيرة ونظرة حادة، إذ تسيل الدماء من أنفه دون مبرر واضح ليتحول إلى مشتبه به في الحادثة. ويرتفع إطار التشويق والحماس مع تعارف السياح على بعضهم واستغرابهم من عمر الأطفال وتناقض شكلهم الخارجي مع عمرهم الزمني، لنشهد بداية الصدمة على وجوه الوالدين أثناء رؤية أطفالهم بأجساد أكبر وملامح أضخم وشعر أطول. وهنا تستشف العائلة تدريجيا أنهم في ورطة غريبة من نوعها وتكاد تشبه المعجزة، فمن المحال أن يتلاعب الإنسان بعداد عمره وأن يتحكم بملامحه وجسده ويمنع الزمن من التقدم.
ويتفاقم عنصر الخطر مع تتالي حالات الإغماء المفاجئ ونوبات ضغط مكثفة تصيب الدماغ، وتشتت فكري يصيب الجميع لعدم وجود تغطية ووسائل اتصال لطلب المساعدة وإنقاذهم من الفاجعة المجهولة. ويصور العمل مهاجمة أحد النزلاء للشاب المشكوك بأمره، وطعنه بسكين حاد، إلا أن الطبيب الوحيد في الجزيرة حين اقترب ليفحص الجرح وجده ملتئما كما لو كان جرحا قديما منذ أسابيع عدة. وامتاز السيناريو بعمق فلسفي وبعد نفسي واضح، عن العبثية وزيف كل شيء، لتُختصَر الحياة بأكملها في نهار واحد يعيش به الأشخاص كامل مراحلهم العمرية؛ من لحظة ولادتهم مرورا بشبابهم وشيخوختهم في غضون ساعات.
ونشهد في العمل الولادة والموت وزيف الأجساد البشرية وانتشار التجاعيد بسرعة واستمرار الحمل لمدة ساعات فقط، وإجراء عملية جراحية لورم خبيث تم اكتشافه قبل دقائق وكثير من الحوادث الغريبة.ويبدو أن قوة السيناريو والفكرة المميزة، على الرغم من تكرارها، نجحا في إنقاذ العمل من ضعف الإخراج وإمكانيات الإنتاج المحدودة، في ظل بساطة المعدات وضعف الكاميرات التي قدمت لنا كوادر متواضعة وألوانا غير مريحة. والفيلم مقتبس عن رواية مصورة صدرت عام 2010، للكاتب بيير أوسكار ليفي والرسام فريدريك بيترز؛ بعنوان ”قصر الرمال“. وأخرج العمل وكتب السيناريو إم نايت شيامالان، وشارك في بطولته جيل جارسيا، وفيكي كريبس، وروفس سيويل، وكين ليونج، وآبي لي.