سهم محمد العبادي يكتب: "هابي نيو يير"
نبأ الأردن -
عامٌ جديد يطرق الأبواب، وأعوامٌ قبله مضت، ولم تترك خلفها سوى الأثر ذاته. نسأل الله أن يختلف القادم عمّا مضى، لأن ما مضى كان نسخة واحدة تتكرر بلا خجل؛ تعبٌ يعاد، وجهدٌ يضيع، بطالةٌ تكبر، فقرٌ يتجذر، عجزٌ يُعاد إنتاجه، وإحباطٌ يُتقن فن البقاء.
تمرّ الأعوام، ويأتي عامٌ ويغادر آخر، والوعود ذاتها تُعلّق على الجدران، والإنجازات تُتلى في البيانات، ولا شيء منها يلامس الأرض. الأردني، كما كان، يقف عند بداية كل عام وينظر إلى الأمام، ثم يعود ليجد المشهد ذاته، السيناريو نفسه، الروتين نفسه، وكأن الزمن يدور في حلقة مغلقة لا منفذ لها.
نحفظ تفاصيل الحياة عن ظهر قلب؛ إفطار الجمعة ذاته، قلاية بندورة وحمص وزيتون، وكأس شاي على مهل، وسهرات مقاهٍ وأراجيل، وحديث يتكرر، متى ينصلح الحال؟
أي حال هذا الذي نتحدث عنه؟ وأي عام نعدّ أيامه؟ أعوام لا تزيد إلا في أعمارنا، وهموم تكبر حتى صارت أثقل من أعمارنا نفسها.
كنت أتمنى أن الذين أسرفوا في الحديث عن إنجازاتهم، وملأوا الشاشات والمنصات بأرقامهم وخططهم، أن يكون لبعض هذا الكلام ظلٌّ على الأرض. لكن الواقع يقول إن ما قُدِّم لم يكن أكثر من صفّ كلام، بيانات بلا روح، وأصوات عالية لا يُسمع منها إلا ضجيج الكذب. طحنٌ بلا قمح، وصوتٌ يرهق الآذان من فرط فراغه. ومع ذلك، نقولها لا ضعفًا، بل صبرًا: كل عام وأنتم بخير أيها الأردنيون.
كل عام وأنتم ثابتون رغم القسوة، واقفون رغم ثقل الطريق.
نسأل الله، جلّ قدرته، أن يحفظ هذا الوطن وأهله، وأن يمنحنا الصبر لا على الحياة فقط، بل على عدلٍ تأخر، وأملٍ طال انتظاره.
فالعالم من حولنا يتقدّم، ونحن ما زلنا نُطالَب بالصبر على تحديات كُتبت علينا منذ البداية، حتى صارت على ظهورنا، تضغط وتثقل، وكأن نصيبنا في هذه الدنيا أن نتصارع مع التحديات، لا أن نعبرها.
لكننا باقون…
وبين الصبر والإيمان، نحمل هذا الوطن في القلب، ونمضي.
كل عام وأنتم بخير

























