زياد العليمي يكتب:زلازل التفتيت وطوفان البقاء: حتمية الوحدة العربية في مواجهة هندسة الخراب وصناعة الوكلاء

{title}
نبأ الأردن -
إن المتأمل في خارطة الجغرافيا السياسية العربية الراهنة يدرك دون عناء أننا لسنا أمام مجرد أزمات عابرة أو خلافات حدودية طارئة بل نحن بصدد عملية جراحية قيصرية تستهدف استئصال مفهوم "الدولة الوطنية" لصالح كيانات هشة تدور في فلك المشروع الصهيوني الذي لم يعد يكتفي باحتلال الأرض بل بات يطمح إلى احتلال القرار والمصير العربي برمته عبر تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ وهو ما يفرض علينا مواجهة الحقائق العارية مهما بلغت قسوتها إذ إن أي مساس بوحدة أي قطر عربي أو تشجيع لنزعات الانفصال تحت أي مسمى هو في جوهره وضع لبنة جديدة في جدار الهيمنة الإسرائيلية التي وجدت في العربدة الأمريكية غطاءً شرعياً لتمزيق المنطقة واستنزاف ثرواتها وتحويل الشعوب المناضلة إلى مجرد حشود تبحث عن البقاء في ظل صراعات طائفية وعرقية يتم تأجيجها ببراعة في غرف الاستخبارات الدولية لخدمة هذا الكيان المصطنع الذي يقتات على ضعفنا وتشتتنا ومن هنا يصبح لزاماً علينا كشف الأدوار المشبوهة التي تلعبها بعض القوى الإقليمية وتحديداً التحركات التي تتبناها أطراف تسعى لفرض أجندات تخدم التمدد الصهيوني في العمق العربي من خلال خلق بؤر توتر وصراعات داخلية تضعف الجسد العربي الواحد وتجعل من العواصم الكبرى رهينة لسياسات التمحور والتبعية التي تبيع الوهم للشعوب بينما هي في الحقيقة تقدم القرابين على مذبح التطبيع والتحالف مع العدو الوجودي للأمة إن هذا الاندفاع نحو تفتيت الهوية الجامعة لصالح ولاءات فرعية ضيقة هو الخطر الحقيقي الذي يهدد تضحيات الشعوب العربية التي لم تبخل يوماً بالغالي والنفيس من أجل استعادة كرامتها واستقلالها مما يضعنا أمام مسؤولية تاريخية لا تقبل التأجيل للتحرك الفوري وسد الثغرات التي يتسلل منها دعاة الفتن والفرقة وإدراك أن حماية السيادة العربية تبدأ من مواجهة الأدوات الداخلية التي تنفذ أجندة التفكيك والتمزق وتحويل الوطن العربي الكبير إلى كانتونات متناحرة تسهل السيطرة عليها وإخضاعها لمنطق القوة الغاشمة التي لا تفهم إلا لغة المصالح الاستعمارية ومن ثم فإن استعادة البوصلة نحو الوحدة والعمل المشترك ليست مجرد شعارات عاطفية بل هي خيار الوجود الوحيد في عالم لا يحترم إلا الأقوياء ولا يعترف إلا بالكتل الكبرى التي تحمي حدودها وتصون كرامة إنسانها بعيداً عن ارتهان القرار للخارج أو الانصياع لإرادة القوى التي تريد لنا أن نكون مجرد أرقام في معادلة أمن الكيان الصهيوني واستقراره على حساب دماء وأحلام الملايين من أبناء هذه الأمة الصامدة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير