ميسر السردية تكتب: الخادم القديم يرقص الهورا بالشال

نبأ الأردن -
تلمّح الشهبانو فرح ديبا، زوجة الشاه المخلوع، في مذكراتها — وبوضوح — إلى أنّ الولايات المتحدة كانت سببًا مباشرًا في تدهور صحة الشاه، بل تُشير إلى أنّها ساهمت في وفاته. هذا ما يمكن استنتاجه من رسائل طبيبه، البروفيسور فلاندران، الذي رافق حالته منذ ما قبل الإطاحة به، ثم في مراحل المنفى المتعددة: الولايات المتحدة، المكسيك، جزر الباهاما، وبنما... حيث جرى تأخير متكرّر للعلاج، وواجهت محاولات التدخّل الطبي صعوبات، وتمّ أحيانًا الاستعانة بأطباء غير مختصين.
وفي إحدى العمليات الجراحية التي أُجريت على يد الطبيب الأميركي، تُرك جرح في البنكرياس أثناء إزالة الطحال، متجاهلاً ملاحظات الطبيب المصري التي سبقت العملية الأخيرة في القاهرة. ويبدو أنّ هذه الظروف الطبية لم تكن بريئة، بل كانت جزءًا من ضغوط سياسية ضمن مساعٍ أميركية لإطلاق سراح رهائن السفارة في طهران آنذاك.
بمعنى آخر، استُخدم الشاه، حتى لحظاته الأخيرة، كأداة ضغط سياسي في إطار أولويات المصالح الأميركية.
واليوم، يعود الابن مستحضرًا ترف ماضي ذويه، محاولًا لعب دور جديد في المشهدين الداخلي والخارجي، رغم أن العرش الذي يحنّ إليه جاء به جده إلى الحكم عبر انقلاب على الأسرة القاجارية عام 1925.
وها هو اليوم يخطو مع "رأس الأفعى" وربيبتها في "عين الشرق"، علّه يغنم ماسة التاج مرة أخرى، ولو كان ذلك على جناح F-35! وامتصاص آخر رمق، إن بقي به رمق، لخدمة سيده.
وكيف لا؟ وكلّ الأرض باتت مفروشة له بالوعود، منقوشة بالذلّ والهوان.
ألا يكفي أنّه أظهر ليونة عضلاته قبيل بدء الحرب بأيام، برقصة "الهورا"، في حفل مصاهرة زوّج فيه ابنته لرجل أميركي يهودي، على مذهب: "خادمكم المطيع، يا سيّد الهيكل".
إنها صورة تختزل نمطًا من الذين لا يرون في الوطن سوى وسيلة لتحقيق مصالح شخصية، ولو كان الثمن هو التاريخ، والكرامة، والسيادة...
إنه أمل إعادة تكرير "مزابل التاريخ" وحلم استعادة المجد الشخصي على أنغام "الشوفار" اليهودي، فيما رعشت قلوب المظلومين، ودمعت عيون المنكوبين والمغلوبين فرحًا، وهي تتابع "خيبر" و"فتّاح" يلوّحان بـ"الشال الإيرانية" فوق رأس الكيان، ويلهج حتى الأطفال لله ألا تضلّ طريقها.