د. وليد العريض يكتب: من في مأمن من الحريق؟ حين يتوضأ العربُ بالبنزين

{title}
نبأ الأردن -
في نشرات الأخبار المتكررة حتى الغثيان:
قصفت إسرائيل غزّة ودمرتها ثم مدن الضفة الغربية ثم المخيمات ثم لبنان، فسوريا فالعراق واليمن والصومال والسودان واليوم تُهاجم إيران وغدًا – على الأرجح – دولةٌ عربية أخرى أو عدة دول أو مجهولون على الطريقة الأمريكية المعتادة.
والعرب؟
موزّعون بين من يشجب ومن يدين ومن يتابع بقلق، ومن يوقّع اتفاقيات سلام دافئ كأنّهم لا يسكنون على نفس الخريطة ولا تطأ أقدامهم نفس الأرض.
تبدو إسرائيل كأنها تلعب وحدها على رقعة شطرنجٍ عربية مغطاة بالرماد. تحرّك جنودها وتقصف وتنسحب وتعاود القصف بينما الجمهور العربي يُكتفي بالمشاهدة والتصفيق على طاولات التطبيع.
لكن السؤال الذي لا يُطرح: من في مأمن حقًا؟
هل المطبعون مع إسرائيل في مأمن؟
هل من يستضيف القواعد الأمريكية فوق ترابه ثم يصف واشنطن بـ"الشريك الاستراتيجي الموثوق" في مأمن؟
هل الحياديون الذين يغسلون أيديهم من كل شيء ويعيشون في برجهم العاجي الدبلوماسي في مأمن؟
هل من يعتقد أن الحريق لا يقترب من عتباته لأن له علاقات طيبة مع الجلاد حقًا في مأمن؟
يا سادة أنتم تتوضؤون كل صباح ببنزينٍ أمريكي وتطلبون الرحمة من نارٍ صهيونية وتكتبون بيانات الأسف العميق بحبر مشتق من دماء غزة وجنين وبغداد وصنعاء.
لقد حيّدت إسرائيل دول التطبيع وجعلتهم يراقبون عن بعد.
تهويد الضفة من شرفاتهم الدبلوماسية.
وحيّدت دول الأطراف فأصبحت عواصمه تنسّق أمنيًا مع العدو وتخشى من حركة مقاومة أكثر مما تخشى من آلة الدمار الصهيونية.
ثم تسألون: لماذا لا تتوقف إسرائيل؟
الجواب بسيط: لأنها لم تجد من يردّها.
لا سلامَ يُلجم منطق القنابل.
ولا اتفاقية تحمي من طائرات لا تعترف بالحدود ولا بالسيادة.
ولا شريك استراتيجيّ يحترم مَن لا يحترم نفسه.
القواعد الأمريكية المنتشرة على امتداد الخريطة العربية ليست ديكورًا عسكريًا. هي أدوات جاهزة تنتظر إشارةً لتهديد الجيران أو ربما أصحاب الدار أنفسهم. فمتى كان التنين يكتفي بابتلاع فريسته دون التفكير في ابتلاع من بجوارها؟
يا عرب من عاش في حضن الوحش لا يحق له أن يشتكي من مخالبه.
ومن أضاع البوصلة في من قبل سيستيقظ على صاروخ يسقط قرب قصره في اي عاصمة عربية كانت.
لكن لا بأس...
استمروا في بيانات الشجب والتنديد فهي آمنة...
واكتبوا خطابات القلق العميق على أرواحٍ احترقت...
وكرّروا أن السلام خيار استراتيجي لا رجعة عنه...
حتى تصل نيران الحرب إلى عواصمكم عندها فقط قد تدركون أن الصمت عار وأن الحياد كذبة وأن التطبيع لا يقي من القصف.
العبرة لمن يعتبر والحريق لمن يتوهم النجاة في زمن الاشتعال.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير