د. وليد العريض يكتب: خطاب مفتوح إلى العالم: هل الفلسطيني إنسان؟

نبأ الأردن -
أيها العالم…
أكتب إليك من الجانب المضيء من الكوكب حيث نأكل دون أن نجوع وننام دون أن نخشى الصواريخ ونُسخِّن الماء للاستحمام لا لغسل جراح طفلٍ مبتور.
أكتب إليك من مدنٍ تُضاء شوارعها وتُكنس بينما تُدفن مدنٌ أخرى تحت الركام.
من بلدان تُبنى فيها أبراج الزجاج وتُهدّم فيها أعناق الأطفال.
من عالم يُقيم الدنيا لنفوق حوت ويصمت أمام ذبح شعب.
أيها العالم...
هل الفلسطيني إنسان؟
هل تنطبق عليه المواثيق؟ هل يشمله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ أم أنه كائن خارج التصنيف لا يُحزن موته أحد ولا يُقلق مجازره أحد ولا تُذكر آلامه في أخبار الساعة الثامنة؟
هل أخبرتكم أجهزة استخباراتكم أن أطفال غزة ليسوا بشرًا؟
أنّ نساء المخيمات لا يشعرن؟
أنّ الرضيع الذي اختنق بلا أكسجين لا يحتاج أن يتنفس لأنه ابن القضية؟
أيها العرب والمسلمون…
أما زلتم تنامون جيدًا؟
هل دافئة بيوتكم؟ هل جاء العشاء في موعده؟
هل اكتملت اجتماعات وزاراتكم؟ هل كانت القهوة حاضرة؟
هل أُبلغتم أنّ رفح مغلقة لأن القرار لم يصدر بعد؟
هل أخبروكم أن الشاحنات متوقفة لأن الحبر على التصريح لم يجفّ؟
هل قلتم لأطفالكم الليلة: ناموا في سلام؟
بينما أطفال غزة ينامون في كفن؟
أنتم تحكمون أمة تعدّ أكثر من مليار ونصف مسلم فيها عشرات الجيوش، ومليارات الدولارات وآلاف المساجد…
لكنها أمة ترتعد من تصريح وتخاف أن تجرح شعور السفارات وتحسب خطواتها بمقياس رضا المحتل.
أيها السادة أصحاب السيادة
أنتم لم تعجزوا… أنتم اخترتم أن لا تفعلوا.
لم تكونوا مكبلين… أنتم كبّلتم أنفسكم.
أنتم لم تُهزموا… أنتم هزمتم كل ما فيكم من كرامة.
أيها العالم الحر…
لم نعد نصدق حرّيتكم.
ما عادت بياناتكم تخدعنا ولا لجانكم ولا شعاراتكم.
صرتم شركاء في الجريمة… بالصمت بالتحريف، بالتواطؤ.
لا تقولوا: لا نعلم… فأنتم أول من يعلم وأول من يرى وأول من يحصي عدد الضحايا بدقة مدهشة… فقط لا تتحركون.
رسالتنا الأخيرة:
نحن نعيش في عالم ينكّس أعلامه لوفاة مسؤول ولا يرفرف علم واحد لطفلة دُفنت حيّة.
عالم يرسل الطائرات لإطفاء غابة ولا يرسل حقنة لطفل محاصر.
عالم يفتح حدوده لقطة مفقودة ويغلقها أمام قافلة إنسانية.
أعيدوا النظر في إنسانيتكم.
قفوا أمام المرآة جيدًا… واسألوا أنفسكم:
هل نحن بشر… أم مجرّد آلات صوتية تبكي ساعة وتضحك ساعة وتنسى في اللحظة التالية؟
وإلى أن تستيقظوا سنظل نكتب، نشهد و نصرخ… كي لا تبتلع الأكاذيب ما تبقى من الحقيقة.