د.وليد العريض يكتب: حينَ صمَتَ الأشقّاء… وصرخَ الأباعد

{title}
نبأ الأردن -
 "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون".
(البقرة: 11)
في زمنٍ غامت فيه البوصلة وتبدّلت فيه المفاهيم واختلط فيه الحق بالباطل كما يختلط السراب بالماء، نزل الطوفان… لا من سماءٍ عربية استيقظت ولا من خيام جامعة الدول بل من شوارع باريس ولندن وبرلين وسيدني ونيويورك وتورنتو.
فجأةً تحوّلت فلسطين إلى ضميرٍ عالميّ حي تنبض به شرايين الشباب في الجامعات الغربية وتغني به الحناجر في ساحات المدن الكبرى. رفعوا الكوفية لا لأنها تراث بل لأنها شعار صمود. كتبوا Free Palestine لا كشعارٍ سياسي بل كصرخة ضمير.
> قال رسول الله ﷺ: "من رأى منكم منكرًا فليُغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
(رواه مسلم)
من جامعة كولومبيا اشتعلت الشعلة وامتدّ وهجها ليغمر حواضر أوروبا وكندا وأستراليا. آلاف الطلاب يُطردون ويُفصلون ويُعتقلون لأنهم قالوا "غزّة تحترق". لأنهم آمنوا بأن المظلوم يجب أن يُنصر ولو بكلمة ولو بخيمة ولو بصرخة.
أما عالمنا العربي فقد كان هناك... لكنّه لم يكن. كان حاضرًا في الصورة وغائبًا عن الفعل. شعوب مقموعة بالكاد تتنفس حكومات تكمم الأفواه وتغلق الساحات وتُضيّق على من يرفع علم فلسطين كأنّه يرفع سلاحًا.
> "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تُرحمون"
(الحجرات: 10)
في جامعة كامبريدج يُفرش العشب باسم غزّة وتُبنى المخيمات لأجل طفلٍ فقد والديه تحت ركام خانيونس. وفي تورنتو يُعتقل طلاب لأنهم كتبوا "حرروا فلسطين" على جدار. أما في بعض العواصم العربية فاللافتة جريمة والتجمهر تهمة والصمت فضيلة مفروضة.
> قال رسول الله ﷺ: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
(رواه البخاري ومسلم)
العار أن يُصبح من سمّاهم فقهاء الماضي دار كفر في طليعة من دافعوا عن المظلوم بينما يصمت الأشقاء وتغيب نخوة النسب والدين والتاريخ. أليس هذا انقلابًا في الموازين؟ أليس هذا ما وصفه القرآن بـ "كالذين استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا"؟ (الأنعام: 71)
من المؤلم أن يكون العالم الآخر أكثر "عربية" في مواقفه من بعض من يحملون جوازات عربية. أن نجد صدى صوت غزّة في لندن ولا نسمعه في بيروت أن نرى علم فلسطين على صدور طلاب باريس ولا نراه في قنوات العرب.
> "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
(المائدة: 2)
فليكن ما جرى ويجري جرسًا لنا جميعًا: العدل لا وطن له لكن الصمت له هوية. والحرية لا دين لها لكن القمع يصلي في المساجد الرسمية. فلسطين لا تسأل عن اسمك بل عن وقفتك. عن حقيبة ظهرك إن كانت ممتلئة بالمبادئ أو فارغة من كل شيء سوى الذلّ.
الصرخة اليوم ليست من الشقيق بل من البعيد. لأن الشقيق ارتضى أن يصمت… فصرخ الأباعد.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير