د.بشار الحوامدة يكتب : هارفرد وسط البلد

{title}
نبأ الأردن -
تراودني أفكار عديدة للخروج من أزماتنا بعيدا عن لغة الخطابة و عدسات المصورين و رواد المؤتمرات و أصحاب المبادرات و شحادي المنح من الدول المانحة للدول السائحة.

ولعل أجمل الأفكار بعد أن ضافت علي هو ان نقوم بلملمة جماعة هارفرد من على أسوار الديوان و العالقين في الوزارات و الهيئات و غيرها و شحنهم بباص كوستر إلى سقف السيل - سوق الوحامات - و شارع وادي الرمم و شارع سمية في مخيم الوحدات و توزيعهم على المحال التجارية و البقالات كل حسب تخصصه فمثلا من درس هندسه كهربائية يكون نصيبه محل كهرباء و من درس اقتصاد يجلس في جمعية خيرية و من درس مالية "يقعد على الكاش" في مول شعبي.

سيعرف هؤلاء معنى أن تستثمر بالاردن و كيف يكون شكل يومك و ان تدخل إلى معترك الحياة بثوب ممزق منذ يومك الأول بالاستثمار فبدلا ان تقول لأحد موظفيك اعملي "فيزابيليتي ستادي" اكيد وانت تجلس في مكتبك الفاخر في دابوق رح تصرخ على الصبي الذي ترك مدرسته لاجل لقمة عيش و تقول له
" ما ترجع من عند بيت ابو محمود الا و انت جايب المصاري الي عليه عنا مصاريف و الوضع ما بستحمل تأخير"

سيتعلم ابناء هارفرد معنى الشيكات الراجعه و حجمها و سيفهمون للاسف تلبيس الطواقي حتى يتجنبوها و كذلك سيعرفون معنى التزامات اخر الشهر التي هي اقسى و اخشن من التزامات البنك الدولي و سيشعرون كيف حين ترفع ضريبة ما سيكون اثرها قاتما على الحباكين و الخياطين و بائعي الخضرة و محلات البالة في كل شوارع البلد.

سيتعلم هؤلاء ان ضعف الطابور على مخبز ما هو الباروميتر لقياس مستوى رضى الناس و ليست تلك المؤشرات التي تتباهى بها الحكومة من نموذج قياس الرضى في نظام بخدمتكم.

ربما سترق قلوب ابناء الحج هارفرد على ابناء المعووزين و الأيتام و الأرامل حين يشاركوهم في رحلة للبحر الميت و ربما يشعر هؤلاء بالرياضيين و الشعراء و النحاتين و الرسامين و الكتاب حين يجالسونهم و يسمعون لهمومهم في إحدى مقاهي عمان العتيقة.

ربما سيشارك بعض الشجعان منهم من باب المغامرة في إحدى الوقفات الاحتجاجية ضد مؤامرة ما و ما أكثرها على فلسطين و ربما و لو حتى عن طريق الخطأ سيدوس أحدهم على علم اسرائيل و هو يهم للدخول لنادي الوحدات. سيهتف قطعا أحدهم مع الجموع و يقول يا ولاد حارتنا يويا و منتصب القامة امشي و سيغيب عن باله الكثير مما تعلم من اغاني المياعة و قلة الحيا.

سيعود هؤلاء بعد ٣ شهور متسلحين بالعزيمة و المعرفة الاقتصادية و العمل العام و الاجتماعي و حب الناس و الشعور بهم ليضيفو إلى خبراتهم النظرية و مؤشرات أدائهم جملا عملية تعينهم كثيرا على حل المعضلات الجسام في البلد بعيدا عن ملفات الاكسل و قوانين البنك الدولي و مؤسسات المجتمع المدني.

وان لم يع هؤلاء تلك التجربة الفريده و الشاملة والتي يسمونها بلغتهم "لايف اكسبيريانس" فأنا متأكد تماما انهم تعلموا على الاقل درسا واحدا و هو أن المعادلات الاقتصادية و نظريات البنك الدولي يجب أن لا تؤثر على الصمود و ليس لها علاقة لا من بعيد و لا من قريب بالمساومة على الاوطان و حتما سيقولون ل ترامب و أعوانه

"يفتح الله" .
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير