فادي المجالي يكتب: الحسين عندما يرسم مستقبلنا بحروف الثقة

{title}
نبأ الأردن -
لم يكن خطاب ولي العهد في منتدى تواصل 2025 مجرد رسائل سياسية أو وعود تنموية، لقد كانت نشيدًا وطنيًا بصوتٍ شابٍ يرى بلاده بعين من يُحبّها بعمق، ويحلم لها كما لو كانت ابنة قلبه، لا مجرد مسؤولية رسمية.
لقد تحدث الأمير الحسين كأخٍ كبير يُخاطب شعبه، ويهمس في أذن وطنه، أن القادم أجمل… إن اخترنا أن نؤمن، أن ننهض، أن نجرؤ.
لم تكن الكلمة احتفاءً بالواقع، بل تحديا له، ودعوة لتجاوزه. فقد حملت في طياتها تصورًا فلسفيًا للدولة، ككيان ديناميكي حيّ، يُعاد تعريفه من خلال الفكر، والعلم، والذكاء الاصطناعي، والمؤسسات الخلاقة. وبهذا، تتحوّل التكنولوجيا من أداة إلى فلسفة، ومن منتج إلى مسار حياة.

لم يكن التركيز على التكنولوجيا والتحول الرقمي في خطاب ولي العهد مجرد توجيه للدولة وأفرادها ومؤسساتها لتبني برامج للتقنيات الحديثة، بل كان دعوة للكرامة الوطنية، بأننا لسنا أقل من أحد، وأننا نستحق أن نكون روادًا لا تابعين، صانعين لا مستهلكين، فنحن من صنع المجد عبر مفاصل التاريخ ونحن من صمد في وجه العاديات ونحن من ضمد الجراح وأكرم الضيف وتحمل ما لم يقدر احد على تحمله. 

لقد حمل خطاب الحسين الملهم وجع سنوات ضاعت، وغصة من فرص أُهدرت، لكنه قدم أملا لا ينطفئ  فلا يزال في الأردن ما يستحق الحياة، وما يستحق التضحية، وما يستحق أن نقاتل من أجله بعقولنا وأخلاقنا لا بسلاحنا فقط.


حين تحدث الأمير عن "الثوابت الأردنية”، لم يكرر شعارات تقليدية، بل كان ينفض الغبار عن قيمٍ تناسينا قوتها وأهملنا تطبيقها: المثابرة، الإخلاص، التميز. تلك الكلمات التي طالما سمعناها في مدارسنا ومساجدنا وبيوتنا، لكننا نسينا كيف نتمسك بها. في نظر الأمير، هذه القيم يجب ان لا تكون مجرد ذكريات، بل محركات المستقبل. إنها الجذور الثابته التي تقوينا و تمنعنا من السقوط.

لم يتحدث سموه عن الذكاء الاصطناعي كما يتحدث خبير تقني، بل كما يتحدث أبٌ عن مستقبل أبنائه.فهو لم يعترف بحاجتنا للتقنية فحسب ، بل أكد على ضرورة أن نُعيد تعريف قيمة الإنسان. أن نؤمن أن الأفكار تساوي الذهب، وأن العقل هو ثروتنا الكبرى. دعوته لتمكين الشباب لم تكن سياسية، بل إنسانية. كانت اعترافًا بأن هذا الجيل من الشباب الأردني يحمل في داخله شرارة لو أُشعلت لأضاءت المنطقة بأسرها، نعم لقد أرسل خطاب ولي العهد مضامين ورسائل ثابتة للشباب الأردني.. أنتم مصدر ثقة وأنتم أمن وأمان هذا الوطن، لم يهوّل التحديات، بل رسم طريقًا نحو تجاوزها. قال لنا: لا نحتاج معجزات، نحتاج عقولًا مبدعة، وقلوبًا مخلصة، وأيدٍ تعمل بإصرار. قال لنا: الأردن ليس قاربًا صغيرًا في بحرٍ هائج… الأردن شراعٌ يعرف كيف يلاعب الريح.

لم يكن ما قدمه ولي العهد مجرد خطاب انها رسالةُ حب لوطنٍ لم ولن يهزم " لقد كان هذا إحساسي على الاقل" وفي الحقيقة لا تشعر بأنك سمعت خطاب سياسي او اقتصادي بل و كأنك عدت إلى بيتك، وجلست مع والدك يحدثك عن مجدٍ ينتظرك، عن وطنٍ يشبهك، عن حلمٍ لا يُسرق منك إن تمسّكت به.

لقد قدّم الأمير الحسين رسالة حبّ إلى كل أردني، لم يكتبها بالحبر، بل كتبها بالثقة. وثق بأن الأردن لا يزال بخير، وبأن أبناءه قادرون على صنع المستحيل،  والوطن كما أراده الحسين، ليس مجرد أرض بل فكرة تُحمل في القلب، وتُروى بالدم، وتُبنى بالعقل
في النهاية لم يطلب منا أن نُصفّق… بل أن ننهض.


*رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال الاردنيين المغتربين 
Fadi.majali@gmail.com
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير