د. وليد العريض يكتب: رصاص وتوابيت بدل الكتب والخبز .. المخدرات تفتك بالطلبة والفقراء

{title}
نبأ الأردن -
وسط صمت اجتماعي مريب وتحت غطاء التهوين أو الجهل تتسرب المخدرات إلى المدارس والجامعات والأحياء الشعبية على شكل حبوب طاقة أو سجائر عادية بينما تقف إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام في مواجهة يومية مع تجار باتوا يحمون تجارتهم بالرصاص.

في الأيام القليلة الماضية أعلنت الإدارة عن تنفيذ حملات أمنية واسعة في عدة محافظات، أسفرت عن القبض على 32 مروجًا وتاجرًا للمخدرات وضبط كميات كبيرة من السموم البيضاء إلى جانب أسلحة نارية أوتوماتيكية ومزارع مواد مخدرة.
بين الحصيلة الرسمية وتفاصيل القصص التي لا تُروى تتكشّف خريطة مخاطر متشابكة صحية وأمنية واجتماعية تنذر بانفجار قادم إذا لم تتكاثف الجهود على كافة المستويات.

أرقام وحقائق: تجارة السم تحتمي بالسلاح

في أبرز القضايا التي أعلنت عنها الأجهزة الأمنية، تم ضبط 25 ألف حبة مخدرة أُخفيت داخل الشموع أثناء محاولة تهريبها عبر معبر جابر إلى جانب ضبط 16 كغم من مادة الكريستال المخدرة و1500 حبة داخل منزل تاجر في البادية الوسطى.
ووفق مصادر مطّلعة فإن تجارة المخدرات في بعض المناطق أصبحت مصدر رزق أساسيًا لشبكات مسلحة ومدعومة لوجستيًا بعضها يتلقى التوجيه من خارج الحدود وتُعد من أخطر الجرائم المنظمة التي تواجه الأردن 

ضحايا في صفوف الأمن العام
بعيدًا عن البيانات يقف في الخلفية شهداء وجرحى من رجال الأمن العام سقطوا أثناء مداهمات لتجار المخدرات في مناطق مختلفة.
مصادر أمنية تؤكد أن بعض المواجهات شهدت إطلاق نار مباشر ومقاومة مسلحة من قبل مروّجين يستخدمون الأسلحة النارية لحماية بضاعتهم.
ورغم ذلك تواصل الأجهزة الأمنية عملياتها بإصرار لافت مدعومة بإرادة سياسية وشعبية قوية لاقتلاع هذه الآفة من جذورها.

المدارس والجامعات تحت التهديد
الأخطر اليوم بحسب تقارير تربوية أن بعض المواد المخدرة بدأت تنتشر في المؤسسات التعليمية خصوصًا المواد المصنعة مثل الجوكر والكريستال والتي تُروّج على أنها منشطات أو وسائل تخفيف ضغط الامتحانات.
وتم توثيق حالات لتعاطي طلاب لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا حيث تم نقل عدد منهم إلى مراكز العلاج بعد إصابتهم بهلوسات سمعية وبصرية وفقدان للذاكرة.


أسر مهددة بالتفكك والانهيار
من جهة أخرى ترصد الجمعيات المعنية بالشأن الاجتماعي ارتفاعًا في معدلات الطلاق والتفكك الأسري المرتبطة بتعاطي المخدرات فضلًا عن حالات سرقة داخل البيوت من قبل مدمنين فقدوا السيطرة على سلوكهم.

تقول أخصائية اجتماعية في إحدى المراكز:
نتعامل يوميًا مع آباء وأمهات مكسورين لا يعرفون كيف تسلل السم إلى أبنائهم وبعضهم يبيع أثاث المنزل لتأمين ثمن الجرعة.
الجوكر والكريستال: وجه جديد للكارثة.
المواد المصنعة مثل الجوكر والكريستال  لا تشبه الحشيش التقليدي بل تسبب تلفًا سريعًا ومباشرًا في الدماغ بحسب ما يؤكد أطباء مختصون.
ويقول أحد الأطباء في المركز الوطني لعلاج الإدمان: استقبلنا شبانًا دخلوا في غيبوبة عقلية كاملة بسبب هذه المواد. بعضهم لا يعرف اسمه ولا يتذكر أفراد عائلته. إنها كارثة صامتة.

نداء عاجل إلى المجتمع
رغم الجهود الأمنية الكبيرة فإن المعركة لا يمكن كسبها أمنيًا فقط. المطلوب بحسب مسؤولين وخبراء مواجهة شاملة تبدأ من البيت والمدرسة وتشمل الوعي والتبليغ المبكر والاحتضان العلاجي قبل أن تتفاقم الأمور أكثر.
ويؤكد مصدر أمني: لدينا استعداد للتعامل مع أي معلومة من الأهالي بسرية تامة. الأهم أن لا يصمت الأهل أو يُبرروا أو يخافوا من الوصمة. المخدرات تفتك بالصامتين أولًا.
وختاما المعركة مستمرة وبالدم أحيانًا.
المخدرات ليست مجرد حبوب ملونة ولا سيجارة دخان بل رأس حربة في تدمير المجتمعات.
وفي الأردن لا تزال المعركة مستعرة. رجال أمن يقدمون أرواحهم وأطباء يرممون ما يُمكن إنقاذه وعائلات تسهر على شبابها.
فهل ننتظر أن تسقط ضحية جديدة لنبدأ بالحذر؟
أم نبدأ اليوم من البيت المدرسة، الحي بتكوين جبهة وعي تحصّن أبناءنا من الوقوع في الهاوية؟
2-6-2025
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير