عبدالهادي راجي المجالي يكتب : المسؤول المسيحي الذي قرأ "الفاتحة" على قبر "وصفي"

نبأ الأردن -
هذه الصورة مع عطوفة متصرف لواء الجامعة أخي وصديقي رامي بدر ..
كان يترأس حملة صيف آمن قبل أسبوعين، بحضور كوادر من الدفاع المدني ،الأمن العام ، أمانة عمان ، والمكان .. هو متحف الشهيد وصفي التل ..
حين أنهينا ، انطلقنا لقراءة الفاتحة على قبر الشهيد ، وكان رامي في مقدمتنا ، بدأ الجميع بقراءة الفاتحة .. وحين نظرت جانبي اكتشفت أن المتصرف هو الآخر رفع يديه وبدأ بقراءتها ...
عطوفة المتصرف ( مسيحي) ، لكنه هو من قادنا للضريح وهو من بدأ بقراءة الفاتحة ونحن تبعناه ، ولو تركناه ربما لأطلق الدعاء للشهيد وصفي التل ...ولصدحنا خلفه بالصوت ( آمين ).
أنا صمت وغادرت معهم ، ولم يعتبر أحد منا أن ما حدث هو خروج عن المألوف أبدا ... لأن هذا هو الأردن ، وهذه هي المسيحية الأردنية الوطنية المتقدمة .. دلوني على مكان في العالم يقود فيه ( مسيحي ) جموع مسلمين .. وهو من يقرأ الفاتحة على قبر رمز وطني .. وحين ينهي ، يحدثنا جميعا عن وصفي وعلاقته بعجلون وعلاقته بخليل السالم ويشرح لنا عن انجازات نحن لا نعرفها عن وصفي التل ...
دلوني على بلد يمسح فيها المسيحي وجهه بعد قراءة الفاتحه ، ومن خلفه جميعا كانوا مدراء وضباط ، وقيادات إدارية وجميعهم ( مسلمون) وينتظرونه أن ينهي القراءة حتى يرددوا معه ( آمين)...ونفتخر بأن احد قيادات الداخلية ، هو من قادنا للضريح .. وقرأ الفاتحة بصوت جهوري دون خطأ ..
دلوني على بلد ، يحدث فيها هذا الأمر ..!
المسيحية في الأردن هي حالة وطنية ، حالة مقاتلة عن الأرض .. حالة تدافع عن الإسلام مثل دفاعها عن الصليب ...حالة لا تقرأ في الكتب ، ولا عبر الأحاديث .. هي حالة تقرأ عبر صورة رامي بدر ( المسيحي ) ... الذي قام بقيادة الجموع في حملة رسمية ، وقرأ الفاتحة عن روح الشهيد وصفي .
بعد أن أنهينا سألته : هل وصفي من وحدنا يا سيدي .. ؟ اجابني قائلا : ( إذا كان الأنر مرتبطا بالدين بحسب سؤالك .. فالكنيسة علمتني أن الأردن ديني ايضا ، وهل يوجد أعظم من وصفي الذي عبر عنا وعن البلد )
لا أريد أن استفيض في الكتابة ، وكان الأصل أن أكتب عن الحدث منذ
أسبوعين .. لحظة حدوثه ، لكن الصورة وصلتني بالصدفة اليوم من أحد موظفي المتحف .
حين نتحدث عن الأردن وعن استقلاله ، أجزم أن صورة رامي بدر متصرف لواء الجامعة ، تشرح معنى الإستقلال وتشرح معنى ان تكون رجلا في الموقع ، تشرح معنى الأردن الذي حضر في صليب الراهب وفي دعاء الشيخ ..
شكرا عطوفة المتصرف .. وأظن أن الصورة ، أصدق تعبير ... عن استقلالنا وعن الشهداء الذين صنعوه.