د. سعيد محمد ابو رحمه يكتب: قراءة تحليلية لخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية

نبأ الأردن -
فلسطين - غزة
ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني خطابًا شاملاً يُبرز فيه رؤيته لمستقبل الأردن، مستندًا إلى الإرث التاريخي والتحديات الراهنة. قراءة تحليلية لأبرز محاور الخطاب:
أولاً: تأكيد على الهوية الوطنية الجامعة
استهل الملك خطابه بالتأكيد على أن الأردن، بوصفه وارثًا لراية الثورة العربية الكبرى، قد بُني على مبادئ العدالة والمساواة والمواطنة وسيادة القانون، دون تمييز بين الأردنيين إلا بما يقدمونه لوطنهم. وأشار إلى أن الهوية الوطنية الأردنية تحتضن كل من يؤمن بهذا البلد ويحميه، مما يعزز من مفهوم الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي.
ثانيًا: تعزيز قيم التعددية والتعايش حيث
استلهم الملك من رؤية الشريف الحسين بن علي، مؤكدًا على أهمية الوحدة والحرية والتعددية، والدعوة إلى التعايش والإخاء الديني. هذا التأكيد يُبرز التزام الأردن بالتسامح الديني والتعددية الثقافية، مما يُعزز من مكانته كدولة تحترم التنوع وتنبذ التطرف.
ثالثًا: التركيز على التنمية السياسية والاقتصادية وأشار الملك إلى أن الأردن قد أنجز فصلًا جديدًا من فصول البناء والتطوير، حيث اكتملت منظومة التشريعات الخاصة بالتحديث السياسي، مما يُمهد لمرحلة انتقالية مهمة لبناء حياة حزبية وبرلمانية تهدف إلى التنافس البرامجي على خدمة المواطنين. كما أكد على أهمية إطلاق رؤية اقتصادية متكاملة للسنوات المقبلة، لتكون وثيقة مرجعية شاملة تهدف إلى تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، وكسر ثنائية البطالة والفقر، وتوفير فرص العمل للشباب.
رابعًا: الموقف الثابت من القضية الفلسطينية
جدد الملك التأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل الشاغل الأول للأردن، مشيرًا إلى أن الهاشميين قد ضحوا في سبيل عروبة فلسطين، وأنهم مستمرون في القيام بمسؤولياتهم تجاه المقدسات في القدس الشريف. هذا الموقف يُعبر عن التزام الأردن التاريخي والراسخ بدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
خامسًا: الدعوة إلى الوحدة والعمل المشترك
اختتم الملك خطابه بالدعوة إلى التمسك بالتفاؤل والأمل، مؤكدًا أن الأردن سيبقى، بإذن الله، وبوعي وعزيمة أبنائه وبناته، دولة رسالة؛ رسالة الحرية والسلام والتعايش والنماء، مرتكزين على مبادئهم وفخورين بهويتهم وإنجازاتهم. هذا الختام يُعزز من روح الوحدة الوطنية ويُحفز المواطنين على المشاركة الفاعلة في بناء مستقبل الوطن.
في خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال الـ79، برزت رسائل سياسية استراتيجية تعكس ثوابت الأردن ومواقفه الإقليمية والداخلية.
1. السيادة والهوية الوطنية:
أكد الملك أن الأردن ليس وطنًا بديلًا للفلسطينيين، رافضًا التوطين أو التهجير، مما يعزز موقف الأردن الثابت في دعم القضية الفلسطينية ورفض أي حلول على حسابه.
2. دعم القضية الفلسطينية:
جدد جلالته التزام الأردن بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، مؤكدًا على دعم حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، مما يبرز الدور الأردني المحوري في القضية.
3. الإصلاح الداخلي:
أشار الملك إلى أهمية التحديث السياسي والاقتصادي، داعيًا إلى تعزيز الحياة الحزبية والبرلمانية، وتحسين الواقع المعيشي للمواطنين، مما يدل على التزامه بالإصلاح الشامل.
4. تمكين الشباب:
سلط الخطاب الضوء على دور الشباب في بناء المستقبل، مؤكدًا على ضرورة تأهيلهم وتمكينهم، مما يعكس رؤية الملك في الاستثمار في الطاقات البشرية.
هذه الرسائل تؤكد على ثوابت الأردن في مواجهة التحديات، وتعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الاستقلال والسيادة الوطنية.
و تحليلًا لغويًا وبلاغيًا لخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، استنادًا إلى النص الرسمي المنشور على الموقع الرسمي لجلالة الملك.
أولًا: التحليل اللغوي
1. الأسلوب اللغوي
يتميز الخطاب بالأسلوب الأدبي الرسمي، حيث يستخدم جلالة الملك لغة عربية فصحى رصينة، تتسم بالوضوح والجزالة، مما يعكس احترامه للمستمعين ويُبرز مكانة المناسبة الوطنية.
2. المفردات والتراكيب
تتضمن المفردات المستخدمة كلمات ذات دلالات وطنية وقومية، مثل: "الكرامة"، "الحرية"، "المواطنة"، "النهضة"، "الوصاية الهاشمية"، مما يُعزز من الشعور بالانتماء والاعتزاز الوطني.
3. التركيب النحوي
يستخدم الخطاب جملًا طويلة مترابطة، تعتمد على الأساليب النحوية التقليدية، مع توظيف أدوات الربط مثل "و"، "فـ"، "ثم"، مما يُسهم في تسلسل الأفكار وانسيابها بسلاسة.
ثانيًا: التحليل البلاغي
1. الصور البلاغية
يستخدم الخطاب الصور البلاغية بشكل معتدل، حيث تُوظف الاستعارات والتشبيهات لتقريب المعاني، مثل وصف الأردن بأنه "دولة رسالة" تحمل "رسالة الحرية والسلام والتعايش والنماء"، مما يُضفي طابعًا رمزيًا يُعزز من مكانة الوطن.
2. التكرار والتوكيد
يُلاحظ استخدام التكرار في بعض العبارات لتأكيد المعاني، مثل: "سيبقى الأردن، بإذن الله، وبوعي وعزيمة أبنائه وبناته، دولة رسالة"، مما يُعزز من الرسالة المراد إيصالها ويُثبتها في أذهان المستمعين.
3. النداء والخطاب المباشر
يُخاطب الملك المواطنين بشكل مباشر باستخدام أسلوب النداء، مثل: "إخواني وأخواتي"، مما يُضفي طابعًا شخصيًا ويُعزز من العلاقة بين القائد والشعب.
ثالثًا: التأثير العام للخطاب
يجمع الخطاب بين اللغة الرسمية الرصينة والأساليب البلاغية المؤثرة، مما يُسهم في تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية والانتماء، ويُحفز المواطنين على المشاركة الفاعلة في بناء الوطن.
لقد جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين مُعبّرًا عن رؤية شاملة لمستقبل الأردن، تستند إلى الإرث التاريخي والتحديات الراهنة، وتُركز على تعزيز الهوية الوطنية، والتعددية، والتنمية السياسية والاقتصادية، والموقف الثابت من القضية الفلسطينية، والدعوة إلى الوحدة والعمل المشترك.