فادي المجالي يكتب:إعمار سوريا: لكي لا يختطف الدور الأردني وتتكرر الاخطاء

نبأ الأردن -
مع تنامي الحديث الدولي عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ومع ارتفاع نبرة الدعوات إلى إعادة الإعمار، تبرز أمام الأردن فرصة كبيرة، فالمرحلة المقبلة في سوريا ليست مجرد مشروع إنساني وهو الدور الذي كنا وما زلنا وسنبقى نضطلع به بكل معاني النبل والشهامه، بل اضافة لذلك هي مشروع اقتصادي استراتيجي إقليمي، ومن غير المنطقي أن يقف الأردن، بكل ما يملكه من مؤهلات وموقع جغرافي وسياسي، خارج دائرة التأثير.
*الفرصة الاقتصادية للأردن: عودة الحياة إلى الشريان الشمالي*
لا يخفى على أحد أن الاقتصاد الأردني يواجه تحديات هيكلية تتطلب روافع جديدة للنمو. وهنا تبرز سوريا ما بعد الحرب كمساحة واعدة لتفعيل قطاعاتنا الإنتاجية والخدمية، وفتح أسواق جديدة للصادرات الأردنية، خاصة في مجالات المواد الإنشائية، الأدوية، المعدات، والخدمات الهندسية.
إعادة فتح المعابر الحدودية، وعلى رأسها معبر جابر-نصيب، يفتح الباب أمام تجارة ترانزيت واسعة، ويسمح بإحياء قطاع النقل والخدمات اللوجستية الذي كان أحد أعمدة الاقتصاد الأردني قبل الحرب السورية. كما أن الأردن يمكن أن يكون "منصة عبور آمنة" للشركات الإقليمية والدولية الراغبة في الدخول إلى السوق السورية.
*دور الأردن المفترض: من الحياد السياسي إلى الفاعلية الاقتصادية*
الأردن حافظ طيلة السنوات الماضية على موقف متوازن من الأزمة السورية، ونجح في بناء جسور سياسية مع جميع الأطراف. هذا الموقع الوسط يجب أن يتحول اليوم إلى موقع قيادة اقتصادية، عبر:
•دعم دخول الشركات الأردنية إلى مشروعات الإعمار.
•تمثيل الأردن في المؤتمرات الدولية ذات الصلة كمساهم وشريك، لا كمراقب.
•تعزيز التكامل مع الشركاء السوريين في قطاعات المقاولات، الكهرباء، الاتصالات، والطاقة المتجددة.
إن الحياد الذي خدم الأردن سياسيًا في السنوات الماضية، يمكن أن يتحول اليوم إلى مكسب اقتصادي حقيقي إذا ما أحسنا استثماره في إعادة بناء سوريا.
*اخطاء الماضي : تكرار تجربة العراق*
علينا أن نتعلم من الماضي. تجربة إعادة إعمار العراق التي انطلقت بشعارات كبيرة ومؤتمرات إعلامية صاخبة، لم تُحقق المأمول بسبب غياب التخطيط، وترك الملف بيد المجاملات البروتوكولية.
وحتى لا نكرر الخطأ ذاته، يجب أن تقوم مشاركة الأردن على أسس استراتيجية واضحة، تبدأ من تحديد الأولويات والقطاعات المطلوبة في السوق السورية، مثل:
•البنية التحتية والمياه.
•الإسكان والمدن الذكية.
•الصحة والتعليم.
•الخدمات اللوجستية والطاقة.
*خطة أردنية متكاملة: التشارك الوطني أساس النجاح*
مطلوب اليوم إطلاق خطة وطنية شاملة بمشاركة كل مكونات الدولة الأردنية: الحكومة، النقابات المهنية، غرف الصناعة والتجارة، البنوك، القطاع الخاص، والجهات الأكاديمية وهذه الخطة يجب أن تشمل:
•إنشاء وحدة تنسيقية دائمة لملف إعادة الإعمار في وزارة التجارة و الصناعة أو الخارجية.
•إعداد خارطة طريق اقتصادية تُحدّد مجالات الدخول إلى السوق السورية، وأبرز المشاريع المحتملة.
•إطلاق صندوق تمويلي بالتعاون مع البنوك لضمان تمويل مشاريع الشركات الأردنية.
•تنظيم منتدى أردني-سوري لإعادة الإعمار تحت رعاية رسمية عليا لجمع الشركاء المحليين والدوليين.
*الخلاصة: لحظة مفصلية لا تتكرر*
الحديث عن إعادة إعمار سوريا ليس رفاهية، بل ضرورة استراتيجية للأردن. هو مشروع أمن اقتصادي، وتوسعة سوق، وتأكيد على مكانة الأردن كدولة محورية في ملفات الإقليم.
الفرصة لا تعوّض..فلنبدأ من اليوم، بخطة لا شعار، وبشراكة لا مجاملة، وبإرادة تنفيذ لا بيانات صحفية.
* رئيس جمعية سيدات ورجال الأعمال الأردنيين المغتربين