ميسر السردية تكتب: لماذا غابوا عن بغداد؟

{title}
نبأ الأردن -
غيابُ معظم القادة العرب عن قمة بغداد لم يكن عابرًا ولا بروتوكوليًا، بل دالًّا على ما هو أعمق من مجرد جدول انشغالات مزدحم. وحدهم رؤساء مصر وقطر وفلسطين والصومال حضروا، فيما أوفدت باقي الدول ممثلين من الصفين الثاني والثالث، وكأن بغداد لم تعد تستحق الزيارة، ولا حتى الخطاب.

هل باتت القمم العربية مرادفًا للعبث السياسي، وبياناتها مجرد حبر يُهدر في تكرار العبارات المستهلكة؟
أم أن كل دولة غارقة في أزماتها حتى النخاع، لا ترى في العمل العربي المشترك سوى رفاهية لا تليق بزمن الانهيار، تحت شعار: "اللهم نفسي"؟

ربما فرضت التحوّلات السياسية منطقًا جديدًا، جعل الأولويات تتحوّل من القضايا الكبرى إلى التحالفات المصلحية، ومن الحلم العربي إلى التطبيع، ومن وحدة المصير إلى الاستتباع.
فمن اتفاقات منفردة إلى تموضعٍ تحت عباءة القوى الدولية، لم يعد في القاموس السياسي العربي مكانٌ للهويّة الجامعة، ولا حتى للقضية المركزية.

غياب القادة قد لا يكون مجرد ظرف طارئ، بل نذير موتٍ سريري لمنظومةٍ لم تعد قادرة على الإقناع، ولا حتى على التجمّل.
جامعةٌ عاجزة، قُضي الأمر فيها، وبات تشييعها مسألة وقت، لا جدل.

أما بغداد، التي كانت يومًا عاصمة الخلافة، ومركز الإشعاع العربي، ومحطة وجدانٍ حضاري، فقد أُقصيت من الأولويات، كأن العرب نسوا مجدها، وارتضَوا أن تُدار قضاياهم من عواصم أبعد... وأبرد.

كان الجواهري إذا نطق لفظ "عِراق" يضمّ حرف العين بدلًا من كسرها، فيقول "عُراق".
سألوه عن السبب، فقال: "يعزّ عليّ أن أكسر عين العراق، فأضمّها؛ لأنّ عين العراق لا تُكسر أبدًا".

وسيظلّ ما جادت به قريحة عبدالرزاق عبدالواحد حاضرًا في وصف الإباء العراقي:
"قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم
لكنهم من قدور الغير ما أكلوا."

ونعم، يا مظفر، كما قلت:
"عراقي هواي، وميزة فـينا
 الهوى خبل!"
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير