د.حسن براري يكتب : عالم مختل!!!

{title}
نبأ الأردن -
تابعت كغيري التطورات الأخيرة ولعنت العالم كما لعنه غيري لأنه لم يشعر بنا ولم يرى العالم كما نراه نحن.

وفي هذا السياق أود الإشارة إلى نقطتين أساسيتين تدفعاني دوما إلى التكفير العميق وأحاول أحيانا أن أفكر خارج الصندوق لعلي أصل إلى سلام داخلي في ظل انتشار حالة من الملاخمة (على حد تعبير الصديق عمر الرداد).

أولا، أبدع الغرب في محاضراته المبهرة عن "عالمية" القيم، حيث يجلس في عليائه "الأخلاقي" ليخبرنا، نحن سكان هذا الكوكب الأقل تمدناً (أو الأكثر تخلفا)، عن ضرورة التخلي عن "نسبية الثقافة" التي نعاني منها ك "مرض فكري". وبينما يصرّ على أن قيمه ليست فقط عالمية بل صالحة للتصدير كعلبة شوكولا سويسرية. والأدهى أن مثقفي العالم "المتخلف" ساهم في قبول هذا التقسيم قبل مفهوم الجلوبال ساوث (الجنوب العالمي) على اعتبار أنه أساس لتحالف جيوسياسي مع أنه في الواقع قبول للتقسيم الثقافي والفكري بين غرب مزدهر وشق متخلف، رحم الله ادوار سعيد الذي اخبرنا منذ نهاية السبعينيات بهذا الاستشراق السياسي.

هذا العالم الغربي يتناسى أن هذه القيم نفسها تصطدم بالجمارك الثقافية عند أول حدود غير غربية. طبعاً، نحن مطالبون بأن نعيش وفق كتالوجهم المرفق بشعارات الديمقراطية والحرية، شريطة أن نفهم الحرية كما يرونها، وإلا فنحن بلا شك بحاجة إلى مزيد من التثقيف أو "الانتداب" الفكري".

ثانيا، هل نحن ضحية؟!!!!

نعيش في عالم نطالب فيه الآخرين أن ينظروا إلى كل شيء من خلال أعيننا، أن يشعروا بما نشعر به، وأن يروا الأمور كما نراها، وكأن منظورنا الوحيد هو الحقيقة المطلقة التي لا جدال فيها. نغضب إن اتخذ أحدهم خطوة لم تنطلق من رؤيتنا، وندين كل اختلاف وكأنه خيانة متناسين أن العالم أرحب بكثير من أن يُحصر في زاوية واحدة، مهما بدت لنا تلك الزاوية صائبة أو مقدسة. هذا الإحساس بالاستحقاق جعلنا ندور في حلقة مفرغة من الانغلاق، نغرق في شعور دائم بالضحية، نلعن الزمن والمكان، بينما العالم يمضي. يسير في طريقه بلا مبالاة، يعقد صفقاته، يحقق تطوره، ولا يلتفت إلى الوراء، ولا ينتظرنا.

ربما آن الأوان أن نعترف بأن المشكلة ليست في العالم، بل في نقطة انطلاقنا المختلة. أن ندرك أن العالم ليس ملزماً بمواساتنا أو الالتفاف حول رؤيتنا. علينا أن نتعلم كيف نشارك في هذه الحركة المستمرة، كيف ننظر من زوايا جديدة، ونتحرر من قيود رؤيتنا الضيقة، علّنا نجد في هذا الانفتاح بداية جديدة لمسيرتنا.

وأخيرا، نسأل الأسئلة التالية:
- هل علينا انتظار أن يتغير العالم أم نخلق خيارات أخرى، وكيف؟
- هل العرب ملزمون برؤية واحدة ومنظور واحد تحدده هذه الشريحة أو هذا التيار أو هذا الحزب؟
- هل إذا قامت دولة عربية بتبني سياسة خارجية لا تتناسب مع منظورنا تكون خائنة؟ ومن يحدد الوطني من الخائن؟
- هل هناك توظيف سياسي وتلاعب بهذه التصنيفات خدمة لأهداف سياسية؟
- هل حقا أننا نؤمن بالدولة -أي دولة؟ وهل تصالحنا حقا مع تقسيم الأمة إلى دول قد تكون متناقسة أو متخاصمة أو على علاقات ود وتضامن؟
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير