د.حسن براري يكتب : حظر المنابر "الإعلامية" الخارجية

نبأ الأردن -
أثار قرار حظر عدد من المنابر الإعلامية التي دأبت على الإساءة للأردن ردود فعل متباينة بين الأردنيين الغيورين على وطنهم. البعض رأى في القرار انعكاسًا لعجز الدولة عن تقديم محتوى ينافس ما تقدمه هذه المنابر أو سردية مقنعة تصل إلى المواطن.
بعيدًا عن جدوى الحظر، وما إذا كان سيمنع تلك المنابر مدفوعة الأجر من الوصول إلى المواطن، الذي ربما فقد بعضًا من ثقته بالإعلام الوطني، فإن التخلص من سمومها يتطلب معالجة جذورها بالتفاهم مع مموليها من الدول، وهم معروفون لنا.
ومع ذلك، أعتقد أن القضية أعمق من ذلك بكثير، فالدولة لا يمكن أن تنافس في ميدان الكذب والافتراء والتحريف والتزييف الذي تتبناه هذه المنابر. فهذه الجهات لا تقدم محتوى حقيقيًا وإنما تشن حملات تضليل ممنهجة تندرج ضمن إطار حروب الجيل الخامس التي تستهدف العقول، وتسعى لزعزعة الثقة وزرع الفتنة، وليست محاولة لنقل الحقيقة أو تعزيز الحوار.
في ظني أن مواجهة مثل هذه التحديات تتطلب إدراكًا واعيًا لطبيعة الحرب الإعلامية التي تتعرض لها الدولة الأردنية المطلوب اسقاطها من قبل بعض المنابر، والعمل على تعزيز ثقة المواطن بإعلامه الوطني القائم على المصداقية والشفافية، ونسأل أنفسنا السؤال التالي: لماذا يتلقف يعض نشطاء السوشيال ميديا في الأردن هذه الأخبار الكاذبة دون تحقق ويعتبروها حقيقة مطلقة؟ وربما الأهم هو ما حذرنا منه على مدار سنوات طويلة سبقت كل العبث الذي يجري الآن وهو كيف يمكن تجسير فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسات بشكل عام! في كثير من كتب التكليف للحكومات يطلب استعادة ثقة المواطن!
وفي النهاية، لو حاولنا جمع وتركيب القطع المتناثرة في الإقليم، لوجدنا أن خيارنا الأفضل، وربما الوحيد، هو التمسك بمفهوم الدولة كركيزة للاستقرار وضمانة لمستقبل الأجيال، فالرهان على الأفكار العاطفية أو المشاريع العابرة التي تغذيها الفوضى قد أثبت عبر التجارب القريبة أنه طريق مدمر، خرب دولًا بأكملها وأغرق شعوبها في دوامة من العنف والفرقة. وعليه تبقى الدولة، بمؤسساتها وهياكلها الإطار الأنجع لمواجهة التحديات وبناء المجتمعات المتماسكة، بعيدًا عن أوهام الفوضى وشعاراتها البراقة. وهذا لا يعفي النخب الحاكمة من ادخال اصلاحات جذرية لتمكين المواطن سياسيا واقتصاديا.