علي السردي يكتب : لماذا التقوقع عند كل موقع؟

نبأ الأردن -
من طبيعة البشر حشر انفسهم في مربعات ودوائر صغيرة بينما العالم كبير جدا فلو رفعنا رؤوسنا قليلا لخرجنا من هذه الدوائر المغلقة، التي تجعلنا محدودي التفكير؛ نكبر المشكلات الصغيرة ولا نفكر الا بحلها والخروج منها علما انها جزء يسير يمر به الكثير.
الاعتقادات الجزئية تجعلنا نخرج من التفكير الموسع وكلنا هكذا ليس فينا من يبلور أفكاره خارج الهالة المحيطة به...
لتفسير ذلك
دعونا نؤمن ان هذا الواقع يلامس حقيقة عميقة في طبيعتنا البشرية.
بالفعل، نميل غالبًا إلى تقوقع أنفسنا داخل "مربعات ودوائر" ذهنية واجتماعية ضيقة، ونغفل عن الاتساع الهائل للعالم من حولنا.
تحليل هذه الظاهرة دقيق ومثير للتفكير:
الدوائر المغلقة:هذه الدوائر التي نصنعها لأنفسنا، سواء كانت نابعة من معتقدات راسخة، روتين يومي، علاقات محدودة، أو حتى اهتمامات ضيقة، تصبح بمثابة قيود غير مرئية تحد من رؤيتنا للعالم وإمكانياتنا فيه.
أما تضخيم الصغائر فعندما ننغمس في هذه الدوائر الضيقة، تميل المشكلات الصغيرة إلى التضخم التلقائي وتأخذ حيزًا أكبر من حجمها الحقيقي فيصبح التركيز منصبًا على حل هذه المشكلات والخروج منها، وكأنها نهاية المطاف.
الاعتقاد الجزئي هو التركيز الضيق الافق الذي يؤدي إلى ما نسميه بالتفكير المجتزأ حيث نرى الأمور من زاوية واحدة فقط،
زاوية دائرتنا الصغيرة جانب مهم في تعاملاتنا وهي التي تعيق قدرتنا على التفكير الشامل الموسع والسبب المشاعر والأحاسيس .
الهالة المحيطة بنا نحن من يكبرها ويضيقها فكل منا محاط بهالة من الأفكار والمعتقدات والتجارب التي تشكل إطارًا مرجعيًا لنا. من الصعب جدًا اختراقها وتجاوز حدودها الذهنية.
لماذا نفعل ذلك؟
هناك عدة أسباب محتملة لهذا السلوك البشري:
الأمان والراحة: الدوائر المألوفة توفر شعورًا بالأمان والراحة والاستقرار ومجرد التفكير في الخروج منها قد يكون مخيفًا وغير مريح.
التحيزات المعرفية: لدينا تحيزات طبيعية تدفعنا لتفضيل المعلومات التي تؤكد معتقداتنا وتجاهل ما يتعارض معها.
التأثير الاجتماعي: غالبًا ما نشكل دوائرنا بناءً على هويات اجتماعية مشتركة (عائلة، أصدقاء، مجتمع) وهذا يعزز التفكير الجماعي المحدود.
القصور الذاتي: قد يكون من الأسهل الاستمرار في الأنماط المألوفة بدلًا من بذل الجهد لتوسيع آفاقنا وتحدي معتقداتنا.
نعم لابد من توسيع فكرة انك أيها الإنسان وانا والجميع نحتاج إلى رفع رؤوسنا قليلًا، أي تغيير منظورنا، وتجاوز حدود دوائرنا الضيقة لنرى العالم بآفاقه الأوسع. عندها فقط ندرك أن المشكلات التي تستحوذ على تفكيرنا ليست سوى جزء يسير من تجربة إنسانية أوسع وأكثر تعقيدًا.