د. عبدالله القضاة يكتب: الإنتصار الباكستاني على الهند منظور إستراتيجي

نبأ الأردن -
الإنتصار الذي حققته الباكستان على جارتها -اللدودة - الهند ؛ سيكون له آثار عميقة على عدة مستويات، محلية وإقليمية ودولية. فعلى المستوى الإقليمي ؛ هناك أثر على التوازن الإقليمي للقوة، منها تحول في موازين القوة ، فالهند تُعتبر القوة المهيمنة في جنوب آسيا، وخسارتها أمام باكستان، فإن هذا سيعيد رسم خارطة القوى في المنطقة، وبالتالي صعود باكستان كقوة إقليمية سيُعزز الانتصار من مكانة باكستان كلاعب محوري، ويزيد من تحالفات جديدة مع دول الجوار. وقد تصبح باكستان القوة العسكرية والسياسية الأبرز في جنوب آسيا، ما يغير ملامح التحالفات مع الخليج، الصين، وروسيا.
كما أن أي انتصار لباكستان قد يعيد الزخم لقضية كشمير، وسوف يؤدي حتما إلى مكاسب سياسية أو جغرافية على الأرض أو في المحافل الدولية، وهذا سيعطي شرعية دولية أكبر للموقف الباكستاني؛ خاصة إذا تحقق الانتصار ضمن أطر تحترم القوانين الدولية.
القوى الكبرى، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة والصين؛ كون لكلاهما مصالح كبيرة في الهند والباكستان ؛ فهذا الإنتصار سيعيد رسم استراتيجيات الصين والهند، خاصة في إطار التنافس على النفوذ في آسيا، وهذا الإنتصار له تأثير على الهند كحليف للغرب، فصورة الهند تضررت كقوة عسكرية أو سياسية، وهذا سيدفع الغرب إلى إعادة تقييم شراكته معها، مما يمنح باكستان فرصة للتموضع كبديل أو شريك موازن.
لقد شكل الإنتصار العسكري لباكستان النووية على الهند النووية إختبارا لمفهوم الردع النووي ، حيث تمنكت باكستان الإنتصار من غير التصعيد النووي ، وهذا حتما سيؤدي إلى إعادة التفكير في طبيعة الردع التقليدي مقابل النووي، وبإعتقادي ستصبح باكستان نموذجًا جديدًا لقوة أصغر تنتصر عبر استراتيجيات ذكية، وتكتسب احترامًا عسكريًا وتقنيًا.
على الصعيد الداخلي الباكستاني ، سيسهم النصر في تعزيز الجبهة الداخلية؛ ويزيد من شرعية الحكومة و الجيش، وسيدفع نحو تطوير اقتصادي وأمني؛ فتعزيز موقع باكستان قد يفتح أبواب استثمارات وتحالفات جديدة.
في حين قد تضطر الهند للتقسيم أو الفيدرالية المعمقة، ما يؤدي لولادة دول جديدة داخل شبه القارة الهندية. إضافة الى توقع ظهور الحركات الانفصالية" السيخ، الناغا" والمجموعات اليسارية تستغل الضعف الحكومي، ما قد يؤدي إلى حرب أهلية جزئية، وتدخل دول إقليمية، فالصين ستستغل الفرصة وتفتح جبهة في الشمال الشرقي، مما يشتت القوات الهندية.
أما على صعيد العالم الإسلامي ؛ فهذا النصر سيعمل على تعزيز صورة باكستان كمدافع عن قضايا المسلمين، خاصة إن ارتبط الانتصار بقضية كشمير، مما قد يزيد من الدعم الشعبي والدبلوماسي من الدول الإسلامية والتي ستروج لها كدولة منتصرة ضد قوة كبرى، مما يزيد من نفوذها داخل العالم الإسلامي، وقد تقود تكتلات جديدة ،ستكون تركيا وأذربيجان وبعض الدول العربية من ضمنها، وسنشهد إستضافة باكستان قممًا استراتيجية في الأشهر القادمة.
على الصعيد الأردني؛ علينا أن نتذكر؛ أن الأردن يُنظر إليه كدولة لها وزن في القضايا الإسلامية، فقي حال كان لإنتصار باكستان تأثيرا على مسلمي كشمير أو في حال تم اضطهاد المسلمين في الهند ، فقد يُولِّد ذلك تعاطفًا شعبيًا واسعًا في الأردن، وهذا سيضغط على الحكومة الأردنية لاتخاذ موقف دبلوماسي مؤيد لباكستان أو كشمير، صحيح الأردن حليف للغرب، لكنه أيضًا قريب من باكستان في عدة محافل إسلامية (مثل منظمة التعاون الإسلامي)، وفي حال انحياز قوى كبرى للهند ضد باكستان، قد يجد الأردن نفسه في موقف دبلوماسي حرج، مضطر للموازنة بين الشراكة الغربية والانتماء الإسلامي، وهنا يأتي دور الدبلوماسية الذكية والهادئة لحماية المصالح الوطنية العليا للمملكة الأردنية الهاشمية في ظل الصراعات الدولية.
*رئيس المجلس السياسي/ حزب المستقبل والحياة الأردني