سامح المحاريق يكتب : الأردن.. وبعدين!

نبأ الأردن -
مبدئيًا تثبت بعض الأطراف شهيتها العدائية تجاه الأردن بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، ببساطة توجد مشكلة جوهرية مع الأردن، مهما حاولت الأردن أن تحتويها أو تمنحها الفرص، أو تضمها في سياسة الاحتواء والتجاوز المتواصلة، هي تحمل إما غضبًا تجاه الأردن، أو قناعات ورثتها من جهة أو أخرى، أو ببساطة تجد الأردن هدفًا سهلًا قياسًا بغيره، فلدى قطاع كبير من الصحافة العربية وبعد الصحفيين الكلاسيكيين ومع دخول المؤثرين الافتراضيين، فالأردن تعبير عن الشطرة الشعرية: لا خيل عندك تهديها ولا مال!
كما أن الأردنيين ليست لديهم سجون في بطن الصحراء، وحتى الأسر التي يعتقل أبناءها فأماكنهم معروفة ويمكن زيارتهم وتبادل الحديث معهم، ومهما تعسف متصرف أو حاكم ففي النهاية تؤول الأمور إلى (اللحى الغانمة).
المهم، توجد اتهامات على مواقع عربية وأجنبية للأردن بتقاضي مبالغ كبيرة مقابل قوافل المساعدات والإنزالات الجوية، ويوجد تحوير وتدوير لمقولات مرسلة لا يعلم أحد مصدرها، ولكن ما أعرفه ولا أعلم مدى صلاحية تسريبه أن الأردن تولى بجانب أعمال الإغاثة والمساعدات في غزة، مهامًا لتعزيز الموارد الغذائية والدوائية في الضفة الغربية من غير أن يتلقى أي مقابل، ومن مخصصات تم تدبرها بين الدولة وجهات أردنية من القطاع الخاص عندما أتى الأمر إلى الإمدادات الدوائية سواء التي ذهبت إلى غزة أو الضفة، وأن المستشفى العسكري الأردني كان متواجدًا قبل الحرب، وعمل أثناءها، وأن ذلك من موازنة القوات المسلحة الخاصة.
أن تتحدث عن تكاليف الشاحنة أو الإنزال شيء، وأن تفسر أن الأردن تلقى ثمنًا مقابل ذلك فشيء آخر للأسف، شيء يقصد أن يضع الأردن في موقع الاتهام والتجني.
نحن لم نقرأ التاريخ، وأصبحت محاولة الملك عبد الله الأول للخروج من ترتيبات وعد بلفور ومنح حكم ذاتي لليهود في بعض مناطق فلسطين بعد الانتداب بدلًا من مشروع دولة (إسرائيل) بيع لفلسطين في روايات أخرى متداولة، وكأن الأردن بإمكانياته المحدودة كان يمكن أن يفعل غير ذلك مقابل سبعين ألف مقاتل مدرب ومعهم سلاح جوي، وموازنة تصل إلى 15 ضعف ما رصدته الدول العربية مجتمعة، ولماذا لا يحاكم أحد بأثر رجعي الجيوش المصرية والعراقية والسورية؟ أم أنه كان مطلوبًا أن نحرق أوراق التاريخ ونمضي لتجارب مشابهة لاسترضاء شرعية العسكريات القلقة؟
اليوم، يقوم البعض بتشويه الحاضر، لماذا؟
ببساطة لأنهم يعتقدون أن الأردن دولة وظيفية ومؤقتة، ويستكثرون بناء رواية أردنية.
قبل يومين كتب الصديق علاء القرالة مقالًا حول اللاجئين السوريين، وذكر ولادة ربع مليون طفل سوري في الأردن وتساءل عن تكلفة ذلك، ليلقى انتقادات تتهمه بالشعبوية والعنصرية، فهل التساؤل عن تكلفة أزمة لم يتسبب بها الأردن وتضرر منها طويلًا، أمر من المحرمات على الأردنيين؟
ما المطلوب من الأردن؟
مع مقارنة ذلك ببقية الدول العربية ووضعه في سياق معقول ومنطقي؟
هل المطلوب أن نلحق بالدول التي أسقطها الربيع العربي؟
هل المطلوب أن نلحق بحماس وتجربتها؟
حسنًا، هل يمكن أن نتمهل - بعد إذن جنرالات الإنترنت والفيسبوك - بضعة أسابيع لمعاينة الحصيلة النهائية للسابع من أكتوبر؟
الأردن ليس جنة الله على الأرض، ولا هو البلد المثالي، هو بلد مثل أي بلد آخر، لديه ملايين الأطفال في المدارس، وموظفون يحاولون أن يتدبروا أثمان المواد الغذائية الاستراتيجية في توقيتها المناسب، وشباب يعملون ومعهم أحلام كثيرة، وآخرون يبحثون عن عمل ويعتريهم التوتر والغضب، فهل المطلوب أن نجدهم على مراكب الهجرة الشرعية، يا أخي حتى البحر المتوسط ليس متاحًا في حالتنا الأردنية، ومعظم الأردنيون يغرقون في (شبر مي)، فأي نموذج يقدمونه للأردن في المقابل؟