بلال حسن التل يكتب: اختلالات

نبأ الأردن -
كشف تعاملنا مع الاحوال الجوية خلال الايام القليلة الماضية، سلسلة من الاختلالات الخطيرة في سلوكنا على المستويين الفردي والجمعي، اشرت الى بعضها في المقال المنشور يوم الاحد الماضي، وسأشير الى بعضها في هذا المقال.
من ابرز الاختلالات التي اكدتها الاحوال الجوية هذا الاسبوع هو سيطرة اسلوب الفزعة على مجمل قراراتنا وتصرفاتنا، وهو اسلوب يميل الى التهويل، واستبدال الحوار بالصراخ الذي تضيع فيه الحقيقة.
الاختلال الآخر الذي اكدته الاحوال الجوية الاخيرة ايضا، اننا شعب تحب شرائح واسعة منه التسويف رالتأجيل حتى نفاذ الوقت، فنحاول استدراكه، فنقع بالاسواء، فعندما قررت الحكومة ان يبدأ الدوام في تمام الساعة العاشرة لحماية المواطنين من الانزلاقات التي قد تنجم عن الانجماد الذي كان متوقعا خلال الايام الماضية، فان هذا يعني ان يكون جميع الموظفين والعاملين في القطاعات الحكومية والاهلية والخاصة في مكاتبهم في تمام الساعة العاشرة، وان تكون الشوارع والطرقات، خالية او كما هي في الظروف الاعتيادية، لكن ماحصل على مدار ثلاثة ايام هو العكس تماما، فقد ازدحمت الطرقات عند الساعة العاشرة بأكثر مما هو معتاد، مما تسبب بتاخر الكثيرين عن اعمالهم لساعة وساعتين، وسبب ذلك ان نسبة عالية لم تخرج من منازلها الى اعمالها الا عند الساعة العاشرة، اوقبل ذلك بدقائق وهو التوقيت الذي يجب ان يكون فيه الجميع في مواقع عملهم، لكنه التأجيل والتسويف للحظة الخروح من المنزل، الذي اوقع الجميع في هذه الفوضى، التي سببت توترا في الأعصاب تجسد في أصوات زوامير السيارات، وفي تبادل الشتائم عبر نوافذها، والاشتباك بالايدي في بعض الاحيان، وصولا الى حوادث الصدم، مما يعني خسائر مادية في أيام تصب فيها تصرفنا في تقليل الانتاج المحلي القليل اصالا.
لقد كان من الممكن تخفيف اثار سلوك التسويف الذي صار سمة من سمات محتمعنا الأردني، لو تم توزيع قرار تحديد ساعة الدوام الى مراحل كأن يكون دوام المدارس الساعة التاسعة صباحا يليه موظقي الحكومة يلية القطاع الخاص، فربما خفف ذلك من اثار الازمات المرورية، الناجمة في جزءكبير عن اندفاع الجميع في لحظة واحدة الى اعمالهم، وهو ماتكرر عند الانصراف من الاعمال.
غير خلل التسويف في سلوكنا الذي اكدته الاحوال الجوية، فان هذه الاحول اكدت خللا اخر في سلوكنا، وهو الجشع والميل الشديد للاستهلاك، فمن قال ان امطارا لبضعة ايام تعني اننا مقبلون على مجاعة، وعلى فقدان للمواد الغذاىية، حتى نصطف طوابير أمام المخابز، وحتى تفرغ الكثير من محلات بيع الخضار والمواد الغذائية من محتوياتها، علما بان المخابز في بلدنا وكذلك محال الاغذية والخضروات،حتى دكاكين الحارات تظل تعمل في بلدنا حتى في أحوال جوية اشد من التي شهدنها هذا الاسبوع، والتي تفرض علينا مراجعة سلوكنا الاجتماغي لمعالجة الاختلالات التي اصابته والتي قد ينجم عنها كوارث لو تعرضنا لما هو خطر حقيقي لا سمح الله .