د. عدنان سعد الزعبي يكتب : ما بعد لقاء الملك مع ترامب

نبأ الأردن -
علينا جميعا أن نكون واقعيين ونرتقي بمستوى التفكير في الحكم و تفسير ما تم في لقاء الملك مع ترامب وما استقصد ترامب قوله وايصاله ليس فقط للعرب بل ايضا لفرقة نتنياهو واليهود الامريكان المتصهينين الذين دعموا ترامب وحملته باعتبار توسيع دولة اسرائيل هو جزء من العرض والصفقة التي تمت بينهم وها هو يلي هذا المطلب . الذي اعتبره مطلب ايدولوجي منسجم مع فكره الانجلوكي. الملاحظ ان ترامب هو من طلب الاعلام في آخر لحظة قبيل بدء اللقاء بعدما كان مغلق بعد أن تم الاتفاق على عدم التصريح للاعلاميين، غير ان معرفة ترامب لما يحمله الملك ورسالته للادارة الامريكيه عربيا ودوليا دفع بترامب الى الخروج عن الاعراف البرتكولية في الحديث وطلب وسائل الاعلام . ليفرغ انفعالاته وهيجانه معتبرا ان رفض العرب والتلميح بدول العالم ومؤسساتها الدوليه نوع من التحدي له شخصيا .واعتبرها فرصة يؤكد على بنود خطته التي تجاوز بنودها فطرح ما هو غير معقول ولا ممكن. وأمام زعيم دولة جاء ليطرح اللاءات العربية بما فيها الاردن وقبل أن تؤكدها مصر وهي دولة كبرى ومعنية بغزه وقبل أن يخرج العرب بنفس اللاءات في قمة طارئة تطرح خطة ترد فيها على خطة ترامب.
ترامب استبق كل هذا وهو مدرك مدى تأثير الخطة العربية وموقعها الموحد على المجتمع الدولي وعلى الامريكان انفسهم. فرأيناه هائجا لتقويض الرد العربي وموقفهم بالاستباق عليه وتطويق المقترح ورفضه قبيل الاستماع له كما هو معروف في القانون الدولي .
الم نلاحظ كيف رد ترامب على سؤال احد الصحفيين عن الخطة العربي ة بالقول " نحن نعرف ماذا سيتم طرحه. "
وامام هذا الموقف المنفعل والهائج ما كان على الملك ان يقابله بنفس الانفعال او يرمي القنابل في وجهه كعادة ترامب . فليس من البطولة التصعيد خاصة وان الزيارة جاءت لإيصال الرسالة الاردنية والعربية وتذكير المؤسسات الامريكية العميقة بمواقف الدول والبناء المقبول لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط بعيدا عن جنون المتطرفين وشطوح أعداء الانسانية فمن يعتقد بأنه كان على الملك أن يفجر قنابل في وجه ترامب . فهو مخطيء فنحن ذاهبون لاطفاء النيران وليس اشعالها. لقاء الملك كان لابلاغ الادارة المريكيه بأن هناك مشروع عربي تصيغه مصر حول غزه وان هناك لقاء عربي سيتم التأكيد على الحطة المصرية الفلسطينيه مع التأكيد على رفض الاردن ومصر تنفيذ خطة الترحيل والتهجير وهذا هو الذي حصل . ونحن كأمة مدركين موقف أمريكا وبالذات ترامب من كل هذا ومتوقع منه الاكثر . فقد استخدم الفوقية المعروفة عندما استند في الترحيل لسلطة أمريكيا متجاهلا العالم والمؤسسات الدولية والقانون الدولي. ليرد بشكل منفعل ايضا والمطالبة بالفراج عن كل المختطفين يوم السبت بعيدا عن تفاهمت قطر ومراحل وقف إطلاق النار. ترامب شطح كثيرا لدرجة انه اعطى الضوء الأخضر لنتنيا هو وفريقه المتطرف بالانتقال للضفة الغربية والتوسع على حسابها، وبكل بساطة اعطى صكوك العبث وكأنه ملك هذا الكون دون أدنى تفكير بما سيري في الشرق الأوسط.
جنون العظمة هذا جعله يتحدى العالم من الصين لأوروبا لكندا للمكسيك لروسيا للعرب. حتى والداخل الأمريكي؟؟؟!
امام هذا الهيجان غير المنطقي .. كان امام الملك خيارات اثنان :
إما التصعيد مع ترمب وبنفس الأسلوب وبطريقة شعبوية او التصرف كملك يقوم بزيارة هامة ذات مغزى وبالتالي مجارات هذا الهيجان بالاسلوب الرزين . والقيام بواجب إيصال الرسالة . واحترام العلاقة التاريخية التي تربط الاردن بالولايات المتحدة ومؤسساتها العميقة . خاصة وان عذه المؤسسات نصحت الملك باستخدام اسلوب المجاراه وعدم الصدام معه وخاصة امام الاعلام. بالمعايبر الاردنية والعربية فالزيارة نجحت في إيصال الرسالة وعدم الرضوخ الحطة ترامب التي تضاعفت اثناء اللقاء وفي حالة انفعالية . خاصة عندما أشار الملك الى اننا نريد الحطة التي ترضى او نتلاءم مع مصلحة الأطراف كافة . وهذا ما وجده ترامب نوع من التحدي الذي لا يريد من احد أن يقول له لا. وما فعله السيسي من تأجيل الزيارة لواشنطن لأجل مسمى جاءت بالصميم فبعد زيارة الملك ورفض ترامب لأي خطة قادمة، اصبح الواقع يشير إلى عدم فائدة زيارة السيسي لواشنطن. واصبحت الحاجة هي استعجال طرح الخطة وعرضها على القمة واخذ المباركة الشامله . وعندها التعامل مع العالم ومؤسساته بهذه الخطة مع تعبئة الشعوب العربية وجيشها استعدادا لأسوأ احتمال. والمطلوب الان تحركات عربية نشطة مع دول العالم المؤثرة على أمريكيا لكبح جماح رئيسها الذي يسيء لمستقبل أمريكيا ودورها كاعظم قوة في العالم تسعى نحو السلام العالمي.
نقول للملك ما كان ليس باسوء مما يجب ان يكون فنحن نعرف بأنك أديت الامانة واوصلت الرسالة عن الامة فلك كل الشكر .