دكتورة اسمهان ماجد الطاهر تكتب : يا ابن الملوك

نبأ الأردن -
بعد حضور المؤتمر الصحافي الخاص بلقاء جلالة الملك عبد الله الثاني مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، في البيت الأبيض لمناقشة مستقبل قطاع غزة، كان لا بدَّ من قراءة ما بين السطور للتصريحات والمواقف، خصوصا أن الملك هو الزعيم العربي الأول الذي يلتقي الرئيس ترامب بعد توليه الرئاسة.
في بداية اللقاء كرر الرئيس دونالد ترامب اقتراحه بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة، لتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". ونقل سكان غزة إلى الأردن ومصر بهدف تنشيط المنطقة اقتصاديا.
وقد أبدى الملك عبد الله الثاني في وقت سابق معارضته الشديدة لهذه الخطة، مؤكدا موقف الأردن الثابت ضد تهجير الفلسطينيين.
وخلال اللقاء صرح الملك الأردني بأن إعادة بناء غزة دون تهجير سكانها ومعالجة الوضع الإنساني المتردي يجب أن يكون هو الأولوية.
لقد كان الملك في لقاءه مع ترامب دبلوماسيا محنك واستمع بدقة وهدوء، ولم يقدم التصريحات جزافا وهذه حنكة سياسية تميز بها قائد البلاد.
وردا على اقتراح ترامب قدم الملك عبد الله الثاني عرض مفاده إيواء 2000 طفل فلسطيني من غزة، بما في ذلك المرضى أو الذين يعانون من السرطان.
وهذا العرض إنساني للغاية ويحمل في طياته الكثير، وقد وصف الرئيس ترامب هذه اللفتة بأنها "جميلة".
برأيي الشخصي أن العرض الإنساني حمل في ثناياه دبلوماسية سياسية مفادها، لا للتهجير والأولوية للاهتمام بالأطفال وتقديم الرعاية الصحية والمعالجة اللأزمة وهو ما يجب أن يكون محور التركيز.
لقد أكد الملك عبد الله الثاني على أن تعقيدات تلبية الاحتياجات الإنسانية والصحية هي التي يجب أن تكون الأساس، وفيما بعد تناقش الحقائق السياسية في المنطقة العربية عربيًا.
وقد كان في ذلك رسائل يجب أن تقرا، مفادها أن السياسه خطرة وليست تقاذف كلمات ومواقف ولكن تحتاج إلى صبر وحذر حتى يتم وضع الحلول المناسبة، والوصول إلى السلام العادل.
وبطبيعة الحال لا أحد يستطيع تقرير مصير الشعب الفلسطيني إلا هو، وهذه أبسط حقوق أهل غزة.
لقد بدأ واضحا رغبه ترامب الشديدة في انتزاع تصريحات من الملك عبد الله الثاني، ولكن حنكة الملك عبدالله ابن الحسين كانت واضحة جليه.
لم يستطيع ترامب أن يحصل على أكثر مما أراد الملك التصريح به في حدود البرتوكولات الرسمية، وقد أكد الملك عبد الله الثاني على أن مصلحة بلاده وشعبة، هم الأولوية القصوى.
ودعونا نؤكد هنا بان دونالد ترامب لم ينجح في اخذ الموافقة التي أرادها حول اقترح التهجير القسري، فهناك في غزة يسكن أصحاب ارض وسماء غزة، ولم يتحملوا كل المعاناة السابقة، ليقبلوا بالتهجير والترحيل، لقد تحملوا من أجل الوطن.
في أردن الخير وعلى الرغم من كل المحاولات الدخيلة ونفث السم في الدسم، وقف الشعب الأردني، وقفة رجل واحد مع القائد الهاشمي، ضد التهجير القسري، كرامة لله تعالى ثم لجيران الجوار وتوائم الروح فلسطين.
خلال اللقاء حافظ الملك عبد الله الثاني على سلوك دبلوماسي هادئ، وهو ما تحتاج إليه مثل هذه الاجتماعات رفيعة المستوى، وخلال اجتماعه مع ترامب، كما هو الحال مع زعماء العالم الآخرين، يركز دائما جلالة الملك على مناقشة قضايا الأمن الإقليمي، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ودور الأردن في عملية السلام في الشرق الأوسط.
الملك عبد الله الثاني يمتاز بالخبرة الدبلوماسية الدولية، وهو ما كان من شأنه أن يبقيه هادئًا وحريصا في كل ما صرح به خلال اللقاء.
لقد كان هناك لحظات بدأ فيها التناقض في التعامل مع الشؤون الدولية ملحوظًا. ومن المعروف عن الملك عبد الله الثاني أسلوبه الحذر والاستراتيجي، في حين ترامب في كثير من الأحيان يستخدم أساليب مختلفة وهو رئيس يحمل شخصية غير تقليدية.
اجتماع الملك الأردني مع الرئيس الامريكي في ظروف سياسية عالية المخاطر، سيترتب عليه الكثير من التفكير الاستراتيجي والسياسي في الأيام القليلة المقبلة.
واخر القول هنيئا للقائد الملك عبد الله الثاني بشعبه الأردني الذي ردد بصوت عالي نحن معك يا ابن الملوك. حمى الله الأردن ارضا وقيادة وشعبا