حمادة فراعنة يكتب: الحفاظ على الأمن الوطني أولاً
نبأ الأردن -
بعيداً عن المجاملة أو النفاق، إن ما يحكم توجهات الحكومة، أي حكومة كانت في بلدنا، بل هي توجهات «الدولة» في التعامل مع الأطراف الأخرى، سواء كانوا أشقاء أو أصدقاء أو جيرانا أو بعيدين، خصوماً كانوا أو غير ذلك، الذي يحكم العلاقة بيننا وبينهم هي:
أولاً: المصلحة الوطنية العليا، والأمن الوطني الأردني، قبل أي اعتبار آخر، أو دوافع أخرى، أو ربما يتوافق معها، ولا يتعارض مع مضمونها وتوجهاتها.
ثانياً: المعايير القومية، وخاصة نحو فلسطين، وها هي تحكمنا مع سوريا، وقبلها مع العراق، ومع اي بلد آخر يتعرض لظروف الحروب البينية، والصراعات والاهتزازات الداخلية، حيث لا نقف مع طرف في مواجهة الطرف الآخر إلا بما تمليه المصلحة القومية، ونبذ العنف، ودرء مخاطر التصعيد، ووقف استنزاف الدماء والموارد.
ثالثاً: المعايير الأممية الإنسانية، بما يتفق مع الشرعية الدولية، وحقوق الإنسان، وقيم العدالة، ما أمكن ذلك.
هذا لا يعني أننا بلد نموذج، لا يقع في الأخطاء وسوء التقدير، ولكن أخمن أننا لا نسعى للتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد شقيق أو صديق، مقابل أن لا نسمح بالتدخل بالشؤون الداخلية لبلدنا وأمننا ومساماتنا، رغم وجود أحزاب وشخصيات تنتمي لتوجهات وخيارات إسلامية وقومية ويسارية عندنا، حافظت على التوازن ما بين مصالحها الوطنية كأحزاب وتنظيمات عابرة للحدود وبين امتداداتها الحزبية التنظيمية الفصائلية خارج الحدود.
ما نتأثر به أولاً الوضع الفلسطيني، ومع ذلك يتحاشى الأردن التدخل بالشؤون الداخلية للوضع الفلسطيني، ومهمتنا هي: أولاً دعم بقاء وصمود الفلسطينيين في وطنهم، وثانياً دعم نضالهم لاستعادة حقوقهم على أرض وطنهم وعودة اللاجئين منهم واستعادة ممتلكاتهم هناك وفق قرار الأمم المتحدة 194.
وما نتأثر به الوضع السوري، ومع ذلك لم يُسجل علينا التدخل في الشأن السوري، سواء في العهد السابق، وهكذا سيكون في العهد اللاحق.
وسنحترم خيارات السوريين في شكل ومضمون نظامهم السياسي، وقد بادر الأردن أولاً مع اللجنة العربية في اجتماع العقبة يوم 14/ 12/ 2024، ووضع صيغة وبرنامج ورؤية الموقف نحو سوريا التي نتطلع إليها، وثانياً مع اللجنة الدولية بحضور وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والأمم المتحدة.
بادر وزيرنا المبدع أيمن الصفدي وكان في دمشق حاملا رسالة الأردن، والعرب، والمجتمع الدولي اعتماداً على وثيقة العقبة، وها هو وفد سوري رفيع المستوى من الحكومة والجيش والمخابرات في عمان لبحث كافة ملفات التعاون والتفاهم ووضع خارطة طريق تحمي المصالح المتبادلة الأردنية السورية.
ندرك ثلاثة عوامل: أولها الوضع العربي المتهالك المتصادم المتعثر، وثانيها تطلعات المستعمرة التوسعية وعدوانيتها العنصرية ومحاولات الاجتياح نحو التطبيع والمس بالأمن القومي العربي، واختراق التماسك العربي لصنع شرق أوسط جديد لصالح المستعمرة، وثالثها إدارة أميركية جديدة يغلب عليها أولوية دعم المستعمرة على حساب الحقوق العربية والفلسطينية خاصة.
ومع ذلك لدينا ثقة بأنفسنا، وثقة بما نعمل أنه لمصلحة أمن بلدنا، وتماسك شعبنا بما فيها قوى المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية، وتصرفاتها المتزنة.
نثق بأنفسنا وعلى هذا الأساس نتعامل مع سوريا المستجدة بروح المسؤولية وسعة الأفق والاحترام المتبادل، ولهذا سنحافظ على أمن بلدنا ونحميه وسننتصر.