علي السردي يكتب :احتراف الإعلام.. بين الطموح والواقع غزو من الإعلاميين المزيفين

{title}
نبأ الأردن -
يشهد عالم الإعلام في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة، تتمثل في تدفق أعداد كبيرة من الأشخاص إلى هذا المجال، بغض النظر عن مؤهلاتهم العلمية أو خبراتهم العملية. فقد أصبحنا نشهد ظاهرة غريبة، حيث تحول كل من لديه هاتف ذكي وحساب على وسائل التواصل الاجتماعي إلى "إعلامي"، سواء كان طبيباً أو مهندساً أو حتى عاطلاً من العمل أو حتى متقاعد لا شهادة له .

واما أسباب هذه الظاهرة فهي سهولة الدخول إلى المهنة مع تطور التكنولوجيا وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح بإمكان أي شخص إنشاء قناة على يوتيوب أو صفحة على الفيسبوك ونشر محتواه الخاص، دون الحاجة إلى أي مؤهلات علمية أو ترخيص من جهة معينة .

يرى الكثيرون في الإعلام وسيلة سهلة لتحقيق الشهرة والثروة، خاصة مع انتشار ظاهرة المؤثرين ومدوني الفيديو الذين يحققون أرباحاً طائلة عبر متابعات لهم تحققت بفعل الصرف المادي .

لقد أدى انتشار الإعلاميين المزيفين إلى تدهور مستوى المحتوى الإعلامي، وانتشار الأخبار الكاذبة والشائعات. وكذلك زيادة البطالة بين خريجي الإعلام لان خريجو كليات الإعلام يعانون  من صعوبة في الحصول على وظائف بسبب المنافسة الشديدة من قبل غير المؤهلين والمتطفلين فقد أساء الإعلاميون المزيفون إلى صورة الإعلام، وجعلوا الجمهور يشكك في مصداقية الأخبار والمعلومات كليا فاختلط على الناس زيد وعمرو . 

اصبح الإعلام في مأزق ما بين الحرفية والهواية فمن المنبر إلى الهاتف مع تحولات الإعلام وتحدياته  اصبح هنالك  سوقٌ للإعلام مع غزو الدخلاء وأزمة الهوية 

"في زمنٍ تحولت فيه الشاشات إلى ساحات للحروب الفكرية، وبات الهاتف الذكي أداةً في يد كل فرد، تغيرت ملامح المشهد الإعلامي بشكل جذري. فما كان يقتصر على نخبة من المحترفين، أصبح اليوم ميداناً مفتوحاً أمام الجميع، بغض النظر عن مؤهلاتهم أو خبرتهم.

هذا التوسع الهائل، وإن كان يعكس ديناميكية العصر، إلا أنه ألقى بظلاله الثقيلة على جودة المحتوى ومهنية الإعلاميين."

 سهولة الدخول وظهور منصات التواصل الاجتماعي وسهولة إنشاء القنوات والصفحات جعل الإعلام في متناول الجميع اضافة الى الجاذبية المادية والرغبة في الشهرة والمال السريع كلها  دفعت الكثيرين إلى هذا المجال. مع غياب الرقابة او ضعف الرقابة على المحتوى الإعلامي، وتساهل بعض المؤسسات في اختيار الموظفين.

   تدخلت الواسطة والمحسوبية فاثرت على سيطرة العلاقات الشخصية على التعيينات في المؤسسات الاعلامية  مما حرم الكفاءات من فرص العمل هذا من الجانب المهني كما تداخلت الأمية الرقمية عبر انتشار الأجهزة الذكية دون وعي كافٍ بكيفية استخدامها لتزيد من الطين بله.

لقد ظهر حجم تأثير المشكلة من خلال تدهور الجودة و انتشار الأخطاء اللغوية والإملائية، وتبسيط القضايا المعقدة، وتقليل قيمة المحتوى الفكري مع انتشار الأخبار الزائفة مما أدى إلى تهديد الثقة في الإعلام وتضليل الرأي العام.

 تشويه صورة الإعلاميين المحترفين:

ان تقليل قيمة العمل الإعلامي الحقيقي كان لها تداعيات على المجتمع من خلال التأثير على القرارات السياسية والاجتماعية، وتعميق الانقسامات.

ولعل  تشديد الرقابة على هذه القضية  ووضع قوانين صارمة لتنظيم المحتوى الإعلامي، ومحاسبة المخالفين لم يعد مجد ولا يأت أوكله لكن رفع مستوى الوعي وعمل حملات توعية بأهمية الإعلام الرصين، وكيفية تمييز الأخبار الصحيحة عن الشائعات قد يكون انجع واقوى .

 علاوة على دعم التعليم بتشجيع التعلم المستمر وتطوير المناهج الدراسية في مجال الإعلام و تفعيل دور النقابات المهنية من خلال حماية حقوق الإعلاميين المحترفين ووضع معايير واضحة للانتساب  الى المؤسسات الإعلامية التي يجب عليها الالتزام بالمعايير المهنية وتدريب الموظفين.

"لم يعد غريباً أن نرى سائقي التاكسي يقدمون تحليلات سياسية، أو أن نجد باعة الخضار يناقشون أحدث التطورات العلمية.

هذه الظاهرة، وإن كانت تحمل في طياتها بعض المرح، إلا أنها تكشف عن أزمة حقيقية في عالم الإعلام، حيث اختلط الحابل بالنابل، وبات من الصعب تمييز الإعلامي المحترف عن الهواة."

وفي تناقض صارخ، نجد أن الكثير من الإعلاميين المحترفين يواجهون صعوبات في تأمين لقمة عيشهم، بينما يحقق الدخلاء أرباحًا طائلة من خلال استغلال منصاتهم للترويج لمنتجات أو خدمات، أو لدعم شخصيات وأفكار معينة. ففي حين يعاني الخريجون من كليات الإعلام للعثور على وظائف مناسبة، يجد غير المؤهلين أنفسهم محاطين بعروض مغرية من جهات تسعى إلى استغلال شعبيتهم."

خاتمة:

إن مشكلة انتشار الإعلاميين المزيفين تهدد مستقبل الإعلام، وتضر بمصالح المجتمع. ولحل هذه المشكلة، يجب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومة إلى المؤسسات الإعلامية إلى الجمهور. لان 
"الإعلام هو مرآة المجتمع، وعندما تتشوه هذه المرآة، فإن المجتمع كله يعاني.

إن حماية الإعلام من التلوث، وضمان جودة المحتوى، مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع. فالإعلام الرصين هو أساس بناء مجتمعات متعلمة ومتحضرة."


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير