د.تيسير أبوعاصي يكتب : إمضِ أيُّها القادم

{title}
نبأ الأردن -
عامٌ إثر عام وتزداد الرزايا، ويشتد الضيق. تبعد الآمال، ينتشر الاغتراب، ويزداد التباعد. يبعد القريب وتنأى الأحبة، يسود الخلل وتعزُّ العدالة، تتفشى الرذيلة وترخص الكرامة، يقلُّ الوفاء ويكثر النكران، تتلاشى الأنَفة وتترسخ التبعية، تذوب الكلمة الحرة في جيوب التملق، تغرق الحضارة والمعرفة في بحر من المخدرات والتعاطي والترهل، تئن الفضيلة والقيم في أقبية العفن والسوء والمادية الرخيصة.

. أما نحن فعلى حفاف النهايات لعامٍ أليمٍ وعلى أعتاب عام جديد، والدموع قد ملأت المحاجر والمُقل، نتنقَّل بآلامنا عبر جغرافيا بلاد العُربِ أوطاني، بين عواصم المجد الأموي والعباسي والفاطمي، والحبل على الجرار، وليس آخر آلامنا في غزة هاشم، قد جاوز العشرين ألفًا من الشهداء، كلُّ شهيد شمعةٌ تجسِّد عامًا من عمر الشقاء والقضية الباقية.

. هل نحتفل بكاءً على مَن مضوا، أم على ديار خلت من سكانها؟
هل نغني لِبيتٍ غادره أهلُه؟ مُيممين وجوههم شطر الضياع والبرد والقسوة، تاركين ذكرياتهم وأملاكهم، وبضع بقايا جدران تحفظ أسرارهم وآلامهم وأفراحهم.

. وهل من مُتسعٍ لفرحٍ بين نحيب اليتامى والثكالى، وأحياء قد زالت وتناثرت بشرًا وشجرًا وحجرًا؟

. امضي يا سنينَ الحزن والبؤس والدموع، فلقد خلا الحيُّ من الأحبة، ونأى الفرح عن أماسينا. ارحل أيها القادم كما رحل مَن سبقك، فلا عام مضى أفرحنا، ولا قادم يسعدنا، فالأمل، وإن بقي ما بقي النبض، لكنَّ لنا في كل خطوة حسرة وفي كل يوم غصة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير