زهدي جانبيك يكتب: إلى من يهمه الأمر

نبأ الأردن -
اي بني ...
اني لك ناصح ، وانت في حل من امرك ان شئت انتصحت وان شئت تركت ...
الا انك قد اكثرت الحز وأخطأت المفصل ، فاعد قراءة المكتوب لتجد انه وصف لحال المجاهدين وما هم فيه من ضنك ومن خلفهم اهلهم وما وصل اليه حالهم من ذلة ومهانة وجوع وعري ومرض وعذاب ...
وما ذاك الوصف الا لاستثارة الهمم وشحذ سيوف الحماس واستنهاض معاني الجهاد في النفوس .... لكنك قرأت الصدر ولم تكمل عجز المقال الذي يدعو بصراحة الى اعلان الحرب والدخول في القتال حتى لا تنكسر هذه الثلة....
وأنا ، ما اشرت في كل المقالة لا الى جنة ولا الى نار ولا الى واجب ولا الى رخصة .... فدع عنك حديث الماشطة وحديث اصحاب الاخدود فما اراك من اصحاب الفتوى وما اراك من اصحاب الفقه الشرعي ، ولا اقول هذا انتقاصا من قدرك ولا تقليلا من احترامك ولكن وصفا لحالك الذي لم يفهم مما قرأ الا وصف حال المجاهدين وتعامى او عمي بصره وقلبه عن قراءة الفقرة السابعة في المقال وعنوانها (لم يبق الا الحرب) وفيها دعوة صريحة لاعلان الحرب على العدو الغاصب ....
ولذا ادعوك دعوة المحب الناصح الى اعادة القراءة بتمعن وتروي وفهم الواضح والصريح في الدعوة الى اعلان الحرب على الغاصب.
وأما ان اخترت الخوض فيما لا تعلمه من علوم الدين فاعلم ان الامر اكثر اتساعا من ان يلقنك احدهم حديث الماشطة وقصة اصحاب الاخدود.
فالشرع يا بني:
رتب الضرورات الخمسة للشرع ترتيبا تراتبيا حسب اولوياتها الشرعية... فمقاصد الشريعة التي جاء الإسلام بها (وكل الشرائع السماوية) حفظ الضروريات الخمس، وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال. وما كان الجهاد الاصغر (وهو القتال ) الا وسيلة من وسائل تحقيق هذه المقاصد الشرعية وليس غاية في حد ذاته ...فافهم.
وكان الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس وسيلة اخرى لا تقل اهمية عن الوسيلة المتقدمة لتحقيق مقاصد الشرع ولا اراك اي بني ممن يقدر على الفتوى في ترتيب اولويات هذه الوسيلة أو تلك واصولها الشرعية ...فدع عنك الحديث في هذا الشأن واتركه لاصحاب الاختصاص في الفقه والسياسة الشرعية .
ولاذكرك فقط وباختصار:
فقد بين لنا القرآن الكريم في اياته العظيمة متى يجوز ومتى يحرم تعريض الامة او جزءا منها الى الخطر... وبين احكام الفرار والانحياز والتولي في القتال (الزحف)... واوضح لنا معايير قتال الضعف والضعفين والعشرة اضعاف وما يجب وما يجوز في كل ذلك ، مع بيان احكام الهدنة والمعاهدة وجهاد الدفع وجهاد الهجوم وما يرتبط بكل ذلك من احكام فرعية منبثقة عن الحكم الشرعي الاصيل وهو جهاد العدو الذي أمر الله به، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وطبقه هو وأصحابه ومن تبعهم من هذه الأمة.
وبين ما ينبني على هذا الحكم "يا بني العزيز" من اشتراط توفر القدرة حتى يصبح الحكم واجبا، مع ما يرتبط بذلك من مفهوم المخالفة التي تقول بسقوط حكم الوجوب اذا انتفى شرط القدرة، فإذا لم تتوفر القدرة، فلا يحمل الله نفسا الا وسعها...
واعلم اي بني:
ان للقدرة ركنان على الاغلب الاعم هما توفر الرجال وتوفر السلاح... فلا يجوز ان تدخل في حرب لتحقيق احد مقاصد الشرع وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، وانت لا تملك السلاح الذي يحفظ دين ونفوس واعراض واموال وعقول ضعاف المسلمين ممن هم خلف المجاهدين ، ... فما دمت لا تستطيع ان تحمي المسلمين والمسلمات من الابادة والتدمير بالطائرات لانك لا تملك انظمة الدفاع الجوي اللازمة لذلك فلا يجوز ان تبدأ قتالا تعرض فيه هذه الضرورات الشرعية للخطر والابادة الا بعد ان توفر هذا السلاح (الدفاع الجوي)... وهذا مثال واحد ففط وقس على ذلك ...
فدع عنك قصة الماشطة فهي لم تقاتل ولم تحمل سلاحا ،...ودع عنك قصة اصحاب الاخدود فهم لم يحملوا سلاحا ولا قاتلوا ... فلا وجه للتشبيه هنا بتاتا.
اي بني ... تروى قبل ان تكتب ...واقرأ وافهم قبل ان ترد ... فالمكتوب اعلاه ما هو الا وصف حال ودعوة شديدة للقتال ...فهمها من فهمها وغابت عن افهام العامة لعلة عدم اعمال العقل ... ودم بود دائما