زياد العليمي يكتب:الخيانة أشكال متغيرة ولكن المعنى واحد: خيانة الوطن

{title}
نبأ الأردن -
تظل الخيانة عبر العصور جرحًا غائرًا في وجدان الشعوب فهي ليست مجرد فعل يتجلى في لحظة عابرة بل هي قناعة راسخة تتبلور في الأذهان فتظهر في مواقف سياسية واجتماعية وثقافية تنعكس نتائجها على مستقبل الأمم بل على تاريخها بأسره فمتى ما كانت الخيانة متكررة كانت تلك بمثابة صيحات استغاثة تدق نواقيس الخطر لتعلن حتمية الفشل والانهيار وأحياتًا تتنكر تحت مسميات عديدة تراها تتدرج من خيانة صديق إلى خيانة حبيب لينتهي المطاف بخيانة الوطن تلك الأعظم والأخطر فلا تأتي الخيانة فقط من الأعداء بل تتغذى أيضًا من الداخل فتكون أخطر ما يحدث عندما تلوح في الأفق منتفخة بمفردات وطنية بينما هي تعبر عن مجرد مصالح شخصية تتقدم على مصلحة الوطن وأمنه كأننا ننظر إلى ميدان محتل تقف فيه جيوش من الخونة بما يخرق عظام الوطن التي سمرت في ارضه عقودًا طويلة تتربى تحت سمائه الطيبة وتستنشق رياحه العليلة بينما تهب من بعيد رياح الخيانة قاسية متجبرة تأخذ كل شيء في سبيل تحقيق مآربها الدنيئة إن الخيانة تتحول إلى مرض اجتماعي يتحسر عليه الأجيال المقبلة فكلما زادت الجرائم تحت غطاء الوطنية كلما تداعت قيم الولاء والوفاء حتى نصل إلى مرحلة يُصبح فيها الخائن رمزًا والوفاء مجرد ذكرى تداعب الحنين فالحديث عن الخيانة ليس حديثًا ينسحب فقط على فرد بل هي ظاهرة تتعلق بجماعات وأفكار تنتشي بمقولات جوفاء تتبجح بالحرية والديمقراطية بينما تسعر نار الفتنة وتغذي الانقسامات في مجتمعات تفتقر إلى الروابط القوية إن مواجهة الخيانة لا تتطلب فقط وعيًا جمعيًا بل تحتاج أيضًا إلى مشروع وطني يضع المصلحة العامة في قمة أولوياته فحتى ننجح في نبذ مشاعر الخيبة وفقدان الثقة يجب أن نؤمن بأن الوطن أكبر من كل ما نرى ونلمس وحمايته تتطلب منا شجاعة في مواجهة الداخل كما نواجه الخارج إن الخيانة ليست مجرد ظاهرة عابرة بل هي امتحان صعب لقيمنا ومبادئنا ولعلنا نعي أن الخيانة عندما تضرب في الصميم فإنها تسحب الأمل من قلوب الشباب وترسم لهم مستقبلًا مظلمًا تسود فيه القيم المتدنية فنحن بحاجة إلى جيل يتسم بالتوعية ويعزز من قدراته على تمييز الخائن من المخلص والخيانة من الإخلاص لذا سنبقى نرفع أصواتنا لنحارب ثقافة الخيانة بشتى أشكالها ونتبنى قيم الولاء والانتماء حتى نصل إلى مرحلة نحقق فيها وطنًا يزدهر فيه الحب والوفاء فلا الخيانة تعكس صورة مشوهة فحسب بل تؤكد أيضًا على فشلنا كأفراد ومجتمعات علينا جميعًا أن نحارب الخيانة بروح واحدة وضمير مستيقظ حتى نصل إلى مجتمع ينعم فيه كل فرد بالأمان والحب واحترام الوطن الذي لا تعوضه كلمات بل أفعال تجسد ذلك الحب النابع من القلب والخيبة التي تغير مسارات التاريخ لا يجب أن تكون نهاية بل بداية جديدة لصفحة نضال مستمر للعيش في وطن لا يعرف الخيانة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير