عبدالهادي راجي المجالي يكتب : عن الإستثمار
نبأ الأردن -
كلنا نعرف بدوي المصري ( ابو رفعت ) ... اشترى مستشفى اردني هو الرشيد ، عولج فيه ... وحين أصيب بالسرطان رفض السفر ، وقرر أن يبقى في المستشفى الذي دفع ماله فيه ، رفض كل عروض الأطباء .. والمستشفيات ، وفي النهاية مات في مستشفى الرشيد .
بدوي قرر الموت هناك ، حتى تكون آخر الأشياء التي تعلق في عيونه قبل الموت ، هضاب الجبيهة والكمالية .. وغروب عمان ...أنا أفهم معنى الإستثمار هكذا ، كما عبر عنه بدوي المصري .. أن تزرع مالك في البلد الذي أحببت وتموت فيه .
مستشفى الرشيد ، شغل أبناء المنطقة ، كل الوظائف الإدارية اصحابها إما من ابو نصير او قرية أبو نصير .. او من شفا بدران ...
أكمل رفعت ابنه المسيرة ، استكثروا عليه في لحظة وساما ، مع أن رفعت أحيا المنطقة ، وزرع روحه وصباحاته فيها ، وتبرع وأنفق ... وآخر مبلغ دفعه كان للنادي الفيصلي وقدره ( ٥٠ ) الف دينار ...
هؤلاء الناس لم يمنوا على البلد ، ولا على اهلها ، وظلوا في خدمة العرش والتراب الأردني ... دفعوا عرقا ومالا لأجل أهل المنطقة ، ولم يستكثروا عليهم وساما فقط .. بل ( دخلة ) من شارع الأردن وعلى نفقتهم ...عارضت وزارة الأشغال فتحها ، حتى الشارع الذي يؤدي للمشفى بقي مهملا ..مليئا بالحفر .
بدوي المصري ومات وعاش في بلد أحبها ، وأولاده أكملوا القصة ...لم يطرقوا بوابات الإعلام ، ولم يبحثوا عن الجاه .. فعائلة المصري لا تحتاج للجاه ... لكنهم بحثوا عن رضى الله وخدمة البشر .
لو أن رفعت قرر ان يدلل نفسه باموال بدوي ، لباع المستشفى وسكن في أحياء لندن ... ولديه حتما ما يكفيه ويكفي أولاده ، لكن طريق ( ابو نصير ) ... كانت لديه أغلى من الهروب إلى بلد الضباب ، والوفاء لأصدقاء بدوي أعلى من حبه للذات ...
شكرا لبدوي ولأولاد بدوي ...فحبهم للبلد كان إنجازا وترجمة على الأرض ، وليس خطابات وثرثرة .

























