د. ماجد الخواجا يكتب: حق تقرير المصير ومفهوم الدولة الحديثة

{title}
نبأ الأردن -

أوجد القانون الدولي ومنذ نشأته توتراً وتناقضاً بين مبدأين أساسيين ومؤسسين، هما احترام الوحدة الترابية للدول من جهة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها من جهة ثانية. وإذا كان الأخير مشروعاً في حالة الإحتلال، ويبقى مقدّساً من حيث المبدأ في الترسانة القانونية الدولية، فإنه يطرح معضلاتٍ سياسية في غاية من التعقيد، عندما يتعلق الأمر بالانفصال عن دولة قائمة معترف بها بحكم قواعد القانون الدولي.
يبدو أن عصراً جديداً في النزعات الانفصالية بات يتشكل، موجة من الانفصالات أصبحت تعصف بالعالم ولا تميز بين دول ديمقراطية من المفترض أنها دشنت كيانات سياسية تاريخية لكل مواطنيها، وبين دول شمولية وشبه شمولية وأخرى انتقالية ما تزال حائرة.
تقرير المصير الوطني ذاتيا، وهو المبدأ الذي وضعه الرئيس الأميركي وودرو ويلسون على الأجندة الدولية في عام 1918، يُعَرَّف عموما على أنه حق أي شعب في تشكيل دولته. ولكن من تكون «الذات» التي تقرر هذا المصير؟
تأخذ النزعات الانفصالية للجماعات القومية شرعيتها من الدعوات المتكررة لإجراء استفتاءات شعبية، مثلما جرى في كردستان العراق وفي كتالونيا بإسبانيا، وقبلها في اسكتلندا في المملكة المتحدة.
تُظهر بعض البيانات أن نسبة الحروب الأهلية التى تهدف فيها على الأقل مجموعة متمردة واحدة إلى تحقيق الانفصال عن الدولة قد ارتفعت من صفر % عام 1899 إلى 50% عام 1999.
تعرّف الحركة الإنفصالية بأنها حركة سياسية سلمية أو مسلحة تطالب بالإنفصال والإستقلال عن الدولة أو الكيان المتواجدة والناشطة به من أجل تكوين كيان أو دولة أخرى لإعتبارات قومية أو دينية أو عرقية ، وتظهر الحركات الإنفصالية نتيجة ظروف تاريخية أو إقتصادية أو نتيجة الإحساس بالتهميش والإهمال أو الإضطهاد من طرف القومية التي تسيطر على الدولة الأم.
إن أقل من 10% من دول العالَم متجانسة سكانيا، وهذا يعني أن التعامل مع تقرير المصير باعتباره مبدأً أخلاقيا أوليا وليس ثانويا ربما تترتب عليه عواقب كارثية في العديد من أجزاء العالَم. والواقع أن المجموعات العرقية المعادية تكون غالبا مختلطة ولا يمكن فصلها بدقة. وهذا يجعل التقسيم صعبا، كما اكتشفت الهند في عام 1947، ولعل هذا هو السبب وراء قبول عدد ضئيل فقط من الدول الجديدة في عضوية الأمم المتحدة هذا القرن. على سبيل المثال، بعد انفصالها عن السودان، استمرت الاضطرابات العِرقية داخل دولة جنوب السودان دون انقطاع عمليا.
لقد شاعت الرغبة بالاستقلال أو الانفصال نتيجة ظهور عوامل داعمة ومنها : تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، ووضعها قاعدةً ضد غزو دولةٍ لدولةٍ أخرى عضو بها، لذلك لم تعد الدول اليوم تشعر بالقلق البالغ من أن يحتلها جيرانها. لقد منح مبدأ حق تقرير المصير، وهو أمر حيوي بالنسبة للمشروع الانفصالي، دعمًا دوليًا أكبر الآن عن ذي قبل.
لكنَّ الانفصاليين يواجهون معركةً شاقة. فقد وضعت الدول القائمة بالفعل والقانون الدولي والمنظمات الدولية عدة شروط للاعتراف بالدول الجديدة، وتضع اتفاقية «مونتيفيديو» لعام 1934 معيارًا للدولة التي يُعتمد عليها قائمةً من 4 شروط هي: وجود سكان دائمين، وجود أرض محددة، وجود حكومة، والقدرة على الدخول في علاقات مع الدول الأخرى.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير